فشبه بني الدنيا إذا ما جهلتم ... بتلك النجوم الثاقبات الشوابك
فمن بين باد لاح عند طلوعه ... ومن آفل دان وهاد وسالك
وكل نور على قدر ذاته ... وسلطانه عند اختلاف المسالك
هو الغوث لا ينسى وصيتي التي ... يخص بها الغوث بن نبت بن مالك
يطيع زهيراً مثل ما كنت لم أزل ... أطيع أباه أيمناً في المآلك
بني عرفت الرشد فاعرف حياءه ... مدى الدهر واسلك في الأمور مسالكي
فذكروا أنَّ الغوث بن نبت حفظ وصية أبيه، وعمل بها، وثبت عليها. وتقلد أعمال أبيه من الأطراف والثغور في طاعة الملك زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير، وكتب إلى العمال؛ فسمعوا له وأطاعوا. وحملوا الإتاوة. ثم أنَّه جرد ابنه الأزد بن الغوث واسمه درء إلى مأرب ليستوطنها. وعقد له الولاية على ساكنيها، وأمرهم بالسمع والطاعة، وكتب إليهم كتاباً إلى جميع أهل مأرب: من حضرموت ومرخة، وشبوة القوس وبيحان شعراً:
من الغوث عن شورى زهير ورأيه ... إلى مأرب بالأمر والنهي للأزد
على أنَّ بعد الغوث للأزد أمره ... وتجبى له الأطراف في الغور والنجد
ولا يتعدى طاعة الأزد مأرب ... مدى الدهر ما وهم براكبه يحي