بسيوف مرهفات ... تقصم الأصلاب قصما
أو لعل الدهر يوماً ... بعد هذا أنْ يلما
نقموا أمراً يسيراً ... وأتوا أمراً أطما
فمضى رياح بن مرة الذي أفلت من القتل حتى أتى الملك حسان بن أسعد الكامل مستغيثاً، فوجده بنجران معسكراً يريد التوجه إلى العراق، فدخل عليه وشكا إليه ما كان من غدر جديس بطسم وبمليكهم عمليق، وأنه كان في طاعته، فغضب حسان
من فعل جديس وغدرهم بطسم، ونهض إليهم بجنوده، فقال له رياح الطسم: أيّها الملك، إنَّ فيهم امرأة - زرقاء - تنظر على مسيرة ثلاثة أيام، وستنذر قومها إذا رأت الجنود فيهربون، فأمر الملك حسان جنده، أنْ يحمل كل واحد منهم غصناً من الشجر فتكون فيأيديهم، فيغطون بتلك الأغصان نفوسهم، ففعلوا ذلك وساروا إلى اليمامة، فنظرت الزرقاء إلى الجيوش قد أقبلت، ورأت رجلاً منفرداً من الجيش يخصف نعلا له. فقال قوكها: ما ترين؟ فقالت لقد جاءتكم حمير، وسارت إليكم الشجر، قالوا كيف تسير الشجر، لقد خولط عقلك، فكذبوها حتى ورد عليهم حسان بن أسعد تبع بالجنود وهم على غير استعداد للحرب ولا للهرب، فتحصنوا في قصورهم، فأقاموا يحاربهم حتى اسنزلهم، فضرب أعناقهم جميعاً، فلم يفلت منهم أحد، وأمر الملك بالزرقاء فأدخلت عليه، فقال لها: بم نلت هذا البصر؟ فقالت بحجر الأيمد، كنت أدقه وأكتحل به كل ليلة إذا أويت إلى فراشي، فأمر الملك بقلع عينها، فوجدوا للحدقتين عروقاً سوداء من الكحل وكثرته، وكانت المرأة تسمى اليمامة، وكان وادي اليمامة يسمى جوا، فسمي باسم اليمامة. وقد ذكرها الشعراء، قال بعضهم وهو سطيح الكاهن: