قلت: لَهُ شرف الصُّحْبَة فَلَا يجوز سبه وَشَتمه وَقد نهى النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم عَن سنّ أَصْحَابه رضوَان الله تَعَالَى عَلَيْهِم أَجْمَعِينَ.

أخرج الإِمَام البُخَارِيّ فِي الْجَامِع الصَّحِيح وَكَذَا مُسلم فِي صَحِيحه وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيّ فِي سنَنَيْهِمَا وَالْإِمَام أَحْمد فِي مُسْنده، كلهم من حَدِيث أبي سعيد الْخُدْرِيّ رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ، قَالَ: قَالَ رَسُول الله صلى الله عَلَيْهِ وَسلم: "لَا تسبوا أَصْحَابِي، فَإِن أحدكُم لَو أنْفق مثل أحد ذَهَبا مَا بلغ مدّ أحدهم وَلَا نصيفه" انْتهى.

وَقد تكلم الْحَافِظ فِي الْفَتْح1 على هَذِه الرِّوَايَة كلَاما جيدا مُفِيدا يتَعَلَّق براوي الحَدِيث إِذْ عزاها إِلَى أبي هُرَيْرَة رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ بدل أبي سعيد هَكَذَا قَالَ خلف وَأَبُو مَسْعُود الدِّمَشْقِي والحافظ أَبُو عَليّ الجياني الأندلسي وَغَيرهم ثمَّ هَكَذَا نقل عَن الإِمَام الْمزي رَحمَه الله تَعَالَى.

الشَّاهِد من هَذَا الحَدِيث إِن هَذَا الرجل بجهله وحماقته قد سبّ سَمُرَة بن جُنْدُب رَضِي الله تَعَالَى عَنهُ مَعَ أَن السب من أكبر الْكَبَائِر خُصُوصا فِي حق من اخْتَارَهُمْ الله تَعَالَى لصحبة نبيه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم وَنشر رسَالَته فِي الأفاق، فقبح الله عَمْرو بن عبيد الْبَاب وعامله بِمَا يسْتَحقّهُ، ثمَّ قَالَ الإِمَام الذَّهَبِيّ فِي مِيزَانه: "مَحْمُود بن غيلَان، قلت لأبي دَاوُد إِنَّك لَا تروي عَن عبد الْوَارِث قَالَ: وَكَيف أرُوِيَ عَن رجل يزْعم أَن عَمْرو بن عبيد خير من أَيُّوب وَيُونُس وَابْن عون؟

سهم بن عبد الحميد قَالَ: مَاتَ ابْن يُونُس بن عبيد فَعَزاهُ النَّاس، فَأَتَاهُ عَمْرو فَقَالَ: إِن أَبَاك كَانَ أصلك وَأَن ابْنك كَانَ فرعك وَأَن امْرأ قد ذهب أَصله وفرعه لحري أَن يقل بَقَاؤُهُ.

قَالَ الفلاس: عَمْرو مَتْرُوك صَاحب بِدعَة، قد روى عَنهُ شُعْبَة حديثين وَحدث عَنهُ الثَّوْريّ بِأَحَادِيث. قَالَ: سَمِعت عبد الله بن مسلمة الْحَضْرَمِيّ يَقُول: سَمِعت عَمْرو بن عبيد يَقُول: لَو شهد عِنْدِي عَليّ وَطَلْحَة، وَالزُّبَيْر وَعُثْمَان على شِرَاك نعل مَا أجزت شَهَادَتهم2".

قَالَ السندي: "هَذَا كفر بِكِتَاب الله تَعَالَى وإلحاد وزندقة، وَقد عدلهم رَبهم جلّ وَعلا فِي كِتَابه فَأَي تَعْدِيل أعظم وأوثق من تَعْدِيل رب الْجلَال سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لأَصْحَاب النَّبِي صلى الله عَلَيْهِ وَسلم فِي كِتَابه الْحَكِيم فِي عدَّة مَوَاضِع فِي آيَاته وسوره فَالله دِرْهَم رَضِي الله تَعَالَى عَنْهُم".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015