تتحرك ذرة إلا بإذنه، ليس معه مدبر في الخلق، ولا شريك في الملك، حي قيوم، لا تأخذه سنة ولا نوم، عالم الغيب والشهادة، لا يخفي عليه شيء في الأرض ولا في السماء، يعلم ما في البر والبحر وما تسقط من ورقة إلا يعلمها ولا حبة في ظلمات الأرض ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين، أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، فعال لما يريد، قادر على ما يشاء، له الملك والعلاء، وله العزة والبقاء، وله الأسماء الحسنى، لا دافع لما قضى، ولا مانع لما أعطى، يفعل في ملكه ما يريد، ويحكم في خلقه ما يشاء، لا يرجو ثوابا ولا يخاف عقابا، ليس عليه حق ولا عليه حكم، فكل نعمة منه فضل، وكل نقمة منه عدل، لا يسأل عما يفعل وهم يسألون، موجود قبل الخلق، ليس له قبل ولا بعد، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا أمام ولا خلف، ولا كل ولا بعض لا يقال متى كان، ولا كيف كان، ولا مكان كون المكان ودبر الزمان، لا يتقيد بالزمان، ولا يتخصص بالمكان، لا يلحقه وهم، ولا يكيفه عقل، ولا يتخصص في الذهن، ولا يتمثل في النفس، ولا يتصور في الوهم، ولا يتكيف في العقل، لا تلحقه الأوهام والأفكار، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير.
نجزت وأقام منصرفة من الحجاز بالكرك من أعمال الشام، حتى صارت شهرته بمصر الآن بالكركي، ثم انتقل إلى مصر في حدود سبعين وست مائة، وأقام يدرس ويفتي بالمذهبين، ويلقي الدروس، في كل فن: العربية واللغة والأصليين وعلم الحساب وغير ذلك من العلوم، وصفه لي بعض أصحابنا بهذا كله، وزاد أن قَالَ: واليه انتهت الرئاسة بالديار المصرية، وعليه مدار الفتيا بها في زماننا.
كتب لي بخطه مجيزا، قلت: في استدعاءين، وكان كتبه فيهما أو في أحدهما، وأنا غائب عن الديار المصرية، في توجهي إلى الشام عام أربعة وثمانين