وهب قريشا فعلت ذلك فلم أبقاه بن الزبير، وهو مقدم هدم الكعبة كلها من جميع جهاتها حتى ألصقها بالأرض وهذا مما لم يختلف فيه اثنان من النقلة.
وكان هدمها يوم السبت للنصف من جمادى الآخرة سنة أربع وستين، ووضع جدار الباب، باب الكعبة على مدماك على الساف، والمدماك وسافات البناء طاقاته التي تكون بعضها على بعض، فكل صف ساف، قَالَ صاحب الصحاح: والمدماك الساف من البناء، وأنشد الأصمعي:
ألا يا ناقض الميثاق ... مدماكا فمدماكا
قال: والمدماك المطملة وهو ما يوسع به الخبز.
قول أبي عبيد: «الذي في الشاذروان الذي في ظهر الكعبة، قريبا من الركن اليماني لا يريد به أن الشاذروان خارج الكعبة، وإنما أراد بظهرها مقابل وجهها الذي فيه الركن الأسود، والشاذوران الذي ذكر في الموضع هو الذي جعل ابن الزبير عتبة الباب الآخر على الحجر الأخضر الطويل الذي فيه بظهر الكعبة لأنه قد ذكر أن فيه حجرا أخضر، وليس في تلك الجهة شاذروان خارج الكعبة باتفاق.
فظهر أن ذلك الذي يسميه الناس اليوم بالشاذروان اسم حادث صنع ليصان به الجدار، لانخفاض تلك الجهة التي بين الركن الأسود واليماني، خيفة إجحاف السيول، والله اعلم.