الآخر خلفه بإزائه بظهر الكعبة، وجعل عتبته على الحجر الأخضر الطويل الذي في الشاذروان الذي في ظهر الكعبة قريبا من الركن اليماني، وكان البناة يبنون من وراء الستر، والناس يطوفون من خارج، فلما ارتفع البنيان إلى موضع الركن، وكان ابن الزبير حين هدم البيت جعل الركن في ديباجة وأدخله في تابوت وأقفل عليه، وجعله عند دار الندوة، وعمد إلى ما كان في الكعبة من حلية فوضعه في خزانة الكعبة في دار شيبة بن عثمان، فلما بلغ البنيان موضع الركن أقامه بموضعه، فنقر في حجرين: حجر المدماك الذي تحته، وحجر من المدماك الذي فوقه بقدر الركن، فلما فرغوا منه أمر ابن الزبير ابنه عباد بن عبد الله، وجبير بن شيبة بن عثمان، أن يحملاه في الثوب، وقال لهما ابن الزبير: إذا دخلت في الصلاة صلاة الظهر فاحملوه واجعلوه في موضعه، فأنا أطول الصلاة، فإذا فرغتم فكبروا حتى أخفف صلاتي، وكان ذلك في حر شديد، فلما أقيمت الصلاة وكبر ابن الزبير وصلى بهم ركعة خرج عباد بالركن، وهو يحمله، ومعه جبير بن شيبة، ودار الندوة يومئذ قريب من الكعبة فخرقا به الصفوف حتى أدخلاه في الستر الذي دون البيت، وكان الذي وضعه في موضعه هذا عباد بن عبد الله بن الزبير، وأعانه عليه جبير بن شيبة، فلما جعل في موضعه وطوق عليه الحجران كبرا، فأخف ابن الزبير صلاته، وتسامع الناس بذلك، وغضب فيه رجال من قريش حين لم يحضرهم ابن الزبير لإنزاله، وقالوا: قد تنافست قريش في رفعه حين بنيت الكعبة، حتى حكموا فيه أول من يدخل عليهم