بطونها في الجاهلية، ولأن موقفها بالنسبة لجيرانها كان موقفًا دفاعيًّا، فلم تذكر المصادر أن أهل يثرب قاموا في الجاهلية بغزو خارجي لجيرانهم، ثم إن اليهود لم يشاركوا بقوتهم في معارك الإسلام؛ لذلك كان أكثر جيش حشدته يثرب أربعة آلاف من العرب من أهلها.
وقد كان رجال يثرب مرهوبي القوة على جانب عظيم من الشجاعة وقوة البأس، تشهد بذلك مواقفهم في معارك الإسلام، كما يشهد بذلك تقدير قريش لبأسهم وخوف زعمائهم منهم يوم بدر على الرغم من قلة عددهم1.
ولقد اكتسب أهل المدينة خبرة بالقتال من حروبهم الداخلية ومن استعدادهم دائمًا للدفاع عن أراضيهم وممتلكاتهم، وكان لديهم من عدة الحرب وسلاحها ما يستطيعون به تسليح قوة مرهوبة، فقد كانت المدينة موطنًا من مواطن صناعة الأسلحة من دروع اشتهر اليهود بصناعتها وروجوا لها بأنهم إنما ورثوا صناعتها عن داود النبي2. كما اشتهروا بصناعة السيوف، وكانت يثرب كذلك مشهورة بصناعة السهام حتى قالوا: إن أجود السهام سهام يثرب3. ومن قائمة الأسلحة التي غنمها المسلمون من بني قريظة -وهم لم يكونوا من أقوى البطون اليهودية بله البطون العربية- نستطيع أن نحكم على مقدار ما كانت تملكه بطون يثرب من أسلحة متنوعة، فقد كانت مخلفات قريظة ألفًا وخمسمائة سيف وألفي رمح وألفًا وخمسمائة ترس وجحفة وثلاثمائة درع4.