يكون شيخ القبيلة من صريح نسبها، لنفور طباع العرب من أن يحكم في القبيلة أحد من غيرها1، وقد راعى النبي -صلى الله عليه وسلم- ذلك حين كانت تأتيه وفود القبائل، فكان يسود على كل قبيلة رجلًا منها ويجعله عليها لامتناع طباعهم أن يسودهم غيرهم2.
كما يجب أن يكون شيخ القبيلة من أقوى بطونها وأذكرها شرفًا وأكثرها عصبية، حتى يكون له من الانتصار بعصبيته والاعتزاز بهم ما يمكن له من الرياسة ومن إطاعة القبيلة له واحترامها لرأيه3. فإذا مات هذا السيد أو فقد بعض الصفات انتقلت السيادة إلى الآخر الذي تكتمل له، وهذا معنى القول بأن القبيلة تختار سيدها.
وكما يتجلى المظهر الديمقراطي في اختيار شيخ القبيلة وهو رأس حكومتها، كذلك يتجلى في رقابة الجماعة على هذا الرئيس، وهذه الرقابة تتمثل فيما يسمونه مشيخة القبيلة، أو مجلسها الذي يجمع رجالها بفضائلهم الذاتية.
ولقد كانت مشيخة القبيلة هي الركن السامي حقًّا في نظام القبيلة العربية. إذ إن سلطة رئيس القبيلة كانت محدودة بواسطة هذا المجلس الذي يمثل الرأي العام في القبيلة.
وكانت مشيخة القبيلة تتألف من أصحاب الرأي فيها، وهنا نجد الكفاية والفضائل الذاتية هي المرجع، فشاعر القبيلة من أفراد هذا المجلس، بل هو في مقدمة رجاله، إذ إنه الذي يتغنى بمناقب القبيلة، ويرثي موتاها، ويهجو أعداءها، ويدفع عنها بلسانه، وسلاحه هذا أمضى من سلاح السيف وأفتك في الخصم من السهام4؛ ولذلك كانت القبيلة تفرح إذا نبغ فيها شاعر وتعتز به وتحفظ شعره، وكانوا يجعلون موهبة الشعر من صفات الكمال، فالرجل إذا كان شاعرًا شجاعًا كاتبًا سابحًا راميًا دعي الكامل لوجود