معابد ومدارس1، وأحبار وربانيون -وكلمة حبر عبرية الأصل معناها الرفيق، وقد كانت في عهد البعثة تطلق على كل متعلم من اليهود2- وكان لهؤلاء الربانيين والأحبار احترام عظيم وأثر كبير فيهم، وكان من أعمالهم أن يتولوا القضاء ويفصلوا للناس فيما شجر بينهم3، كما كانوا أصحاب الأمر والنهي في الشئون الدنيوية، كما يقول القرآن الكريم {لَوْلا يَنْهَاهُمُ الرَّبَّانِيُّونَ وَالأَحْبَارُ عَنْ قَوْلِهِمُ الإِثْمَ وَأَكْلِهِمُ السُّحْتَ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [المائدة] وقد نشر اليهود عن أنفسهم -على ما يظهر- علمًا واسعًا في الأديان والشرائع وأخبار الأمم وسنن الكون، وكانوا يزهون على العرب بهذا وبالدين السماوي، وكانوا يفخرون ويستفتحون، ويظهرون غرورًا وخيلاء ويزعمون أنهم أولياء الله وأحباؤه4. ومع ذلك فقد كان لليهود أخلاقهم التي وصفهم القرآن بها، وهي: الأنانية والجشع والبخل5، والدس والنفاق وإلقاء الشقوق في نفوس الآخرين قصد البلبة والتحكم6، وتبرير كل وسيلة للوصول إلى الغاية والمنفعة 7، واستحلال ما في أيدي الغير وعد أنفسهم غير مسئولين عن الأمانة لهم والوفاء بعهدهم 8 كما كان من خلقهم اللجاج والحجاج والمكابرة، وتلك أخلاق تجعل اللحمة متصلة بين المعاصرين منهم للرسول والقدماء في هذا الخلق.

من كل ما سبق نستطيع الحكم بأن يهود الحجاز كانوا إسرائيليين طارئين على هذه الجهات، وإن كان ذلك لا يمنع من وجود عرب تهودوا ولكنهم كانوا قلة قليلة إلى جانب كتل اليهود الكبرى.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015