المناخ:

وتختلف مناطق الحجاز من الناحية المناخية، كما تختلف من الناحية الطبيعية؛ فهناك مناطق جدباء شديدة الحرارة شحيحة المياه، محاطة بالجبال يعيش أهلها على ما يجلب إليها من الرزق جلبًا من الخارج، ومن هذه المناطق منطقة مكة التي تقوم في واد غير ذي زرع1 والتي كانت تعتمد في حياتها على ما يجلب إليها من الخارج، وكان أهلها يرون في حرمة البيت الحرام الذي يقوم فيها، وهوى أفئدة الناس إليهم، سبب معاشهم وأمنهم وحرمتهم؛ ولذلك لم يسرعوا إلى متابعة محمد -صلى الله عليه وسلم- لما بعث فيهم نبيًّا يدعو إلى الإسلام، مخافة حرمانهم من هذه الميزات التي يستمتعون بها {وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا} [القصص] .

كما أنها كانت شديدة الحرارة يهرع أهلها إلى الظلال وإلى أكنان الجبال التي تحيط بها يحتمون بها من الحر2، وهذا ما أعطى أهمية كبرى لجبال مكة. كذلك كانت مكة شحيحة المياه، وهذا ما جعل مهمة السقاية، وهي توفير الماء للحجاج، فضيلة عظيمة في نظر أهلها3، وهذا يجعلنا ندرك الحفاوة البالغة التي أسبغت على رواية حفر بئر زمزم بها4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015