الوقوف بعرفة:

وأعظم أيام الحج هو يوم الوقوف بعرفات، وهو اليوم التاسع من شهر ذي الحجة، حيث يجتمع في هذا اليوم كل من أتى الحج في صعيد واحد هو صعيد عرفات. وعرفات منبسط فسيح من الأرض يتسع للألوف المؤلفة من الناس، وهو محاط بالجبال وفي بعض أطرافه صخور وهضاب، وبه سقايات وحياض للإرواء1، ولا يكون الحاج حاجًّا إلا إذا شهد وقوف عرفات2. وفي الحديث: "الحج عرفة" وقد عبر عنه القرآن بيوم الحج الأكبر: {وَأَذَانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النَّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة] ويستلهم من أسلوب الآية التقريري أن هذه التسمية كانت معروفة قبل الإسلام. وقد كان ليوم عرفات رئيس من بيت معين من بيوتات العرب لا يفيض الناس إلا بعد إفاضته -رجوعه-3. ولعل الزعماء وأصحاب الشأن من العرب كانوا يتخذون من هذا اليوم المشهود وسيلة لإعلان بعض الأمور وإبلاغها للناس، وكان الناس بعد الفراغ من حجهم يأتون صاحب النسيء ليسمعوا منه ما يعلن عليهم من تقديم أو تأخير في الأشهر الحرم4. وقد أرسل النبي -صلى الله عليه وسلم- في السنة التالية لفتح مكة أبا بكر الصديق أميرًا على الحج فأقام للناس حجهم، وقد ذكرت الرواية خبرًا هامًّا في بابه وهو أن الناس كانوا -تلك السنة- في منازلهم على الحج التي كانوا عليها في الجاهلية5، وقد اتخذ النبي -صلى الله عليه وسلم- فرصة هذا اليوم المشهود

طور بواسطة نورين ميديا © 2015