شمس وعقبة ملتصق بعقبه فقطع بينهما بموسى. فقيل ليخرجن بين ولد هذين من التقاطع ما لم يكن بين أحد1، ويزيد ابن الأثير والبلاذري الوضع غرابة؛ فإنهما يذكران أن هاشمًا مات بغزة وله من العمر عشرون سنة أو خمس وعشرون سنة2 فإذا كان عبد شمس والد أمية توأم هاشم، فكم يكون سن أمية حين نافر عمه؟ وفي تحكيم النجاشي بين عبد المطلب وحرب غرابة شديدة، إذ كيف ينتقل الخصمان إلى الحبشة وما مدى علم النجاشي بمواهب الرجلين ومنزلتهما وهو هنا موضوع المنافرة. على أن هؤلاء المؤرخين يثبتون مع ذلك استمرار الصداقة بين أولاد أمية وأولاد هاشم، فيذكرون صداقة عبد المطلب وحرب بن أمية، وكان حرب بن أمية على قريش وحلفائها في الفجار لمكانه من عبد مناف سنًّا ومنزلةً3. ويذكرون صداقة العباس بن عبد المطلب وأبي سفيان بن حرب. وإذا كان أبو سفيان قد عادى النبي وقاد قريشًا لحربه بعد معركة بدر سنة 2هـ إلى فتح مكة سنة 8هـ؛ فإن القبيلة كلها أجمعت على هذه الحرب إذ إن مكة كانت تقاتل دفاعًا عما تراه مصلحتها، وبنو هاشم أنفسهم خرجوا للقتال يوم بدر وأسر من رجالهم العباس, وعقيل بن أبي طالب، ونوفل بن عبد المطلب4 وكان أبو لهب بن عبد المطلب5 وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب من أشد الناس عداوة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- وللإسلام6، وهما من بني هاشم ومن أمس الناس قرابة بالرسول -صلى الله عليه وسلم.
من كل ما تقدم يمكن القول بأن هذا التنازع الذي ذكره المؤرخون بين بني هاشم وبني أمية في الجاهلية لم يكن له وجود، وأنه لم يثر بين البيتين خلاف إلا بعد مقتل عثمان، وهذا العداء الذي قام بين علي ومعاوية واستمر بعد ذلك بين البيتين هو الذي سحبه المؤرخون على الماضي فحاولوا الرجوع بأصوله إلى أيام الجاهلية، وإلى أيام ظهور هاشم بن عبد مناف على مسرح الحياة في مكة.