قلتُ: فعلى هذا: أصح أسانيد العراق وَأَجَلُّهَا ما رواه أبو يوسف، ومحمد بن الحسن، عن الإمام الأعظم أبي حنيفة، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، أو الأسود، عن عبد الله بن مسعود، عن النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، فإن هؤلاء كلهم فقهاء نبلاء، ولهم معرفة وجلالة، بل أبو يوسف ومحمد أفقه وأجل من وكيع، وأبو حنيفة أفقه وأجل من سفيان والأعمش، وكذلك شيخه حماد أفقه من منصور.
وقال الحافظ ابن حجر في " شرح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر ": «وَقَدْ يَقعُ فِيهَا [- أي في أَخْبارِ الآحادِ المُنْقَسِمَة إِلى: مَشْهُورٍ، وعَزيزٍ، وغَريبٍ -] مَا يُفيدُ العِلْمَ النَّظَرِيَّ بِالقَرَائِنِ عَلَى المُخْتَارِ، خِلاَفًا لِمَنْ أَبَى ... وَالخَبَرُ المُحْتَفُّ بِالقَرَائِنِ أَنْوَاعٌ: مِنْهَا مَا أَخْرَجَهُ الشَّيْخَانِ فِي " صَحِيحَيْهِمَا " مِمَّا لَمْ يَبْلُغ حَدَّ التَّوَاتُر ... ومِنها المَشْهُورُ إِذا كانَتْ لَهُ طرُقٌ مُتَبَايِنَةٌ سَالِمَةٌ مِنْ ضَعْفِ الرُّواةِ وَالعِلَلِ ... وَمِنْهَا المُسَلْسَلُ بِالأَئِمَّةِ الحُفَّاظِ المُتْقِنِينَ حَيْثُ لاَ يَكُونُ غَرِيبًا، كَالحَدِيثِ الذِي يَرْوِيهِ أَحْمَدُ مَثَلاً وَيُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، وَيُشَارِكُهُ فِيهِ غَيْرُهُ، عَنْ مَالِكٍ بْنِ أَنَسٍ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ العِلْمَ عِنْدَ سَمَاعِهِ بِالاسْتِدْلاَلِ مِنْ جِهَةِ جَلاَلَةِ رُوَاتِهِ، وَأَنَّ فِيهِمْ مِنَ الصِّفَاتِ، اللاَّئِقَةِ المُوجِبَةُ لِلْقَبُولِ مَا يَقُومُ مَقَامَ العَدَدِ الكَثِيرِ مِنْ غَيْرِهِمْ.
ولا يتشكك من له أدنى ممارسة بالعلم وأخبار الناس، أَنَّ مَالِكًا