مَذْهَبُ سُفْيَانَ وَغَيْرِهِ مِمَّنْ سَمَّيْنَا، وَلَمْ يَبْقَ اليَوْمَ إِلاَّ هَذِهِ المَذَاهِبُ الأَرْبَعَةُ.
وَقَلَّ مَنْ يَنهَضُ بِمَعْرِفَتِهَا كَمَا يَنْبَغِي، فَضْلاً عَنْ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا.
وَانْقَطَعَ أَتْبَاعُ أَبِي ثَوْرٍ بَعْدَ الثَّلاَثِ مائَةٍ، وَأَصْحَابُ دَاوُدَ إِلاَّ القَلِيلُ، وَبَقِيَ مَذْهَبُ ابْنِ جَرِيرٍ إِلَى مَا بَعْدَ الأَرْبَعِ مائَةٍ ... وَلاَ بَأْسَ بِمَذْهَبِ دَاوُدَ، وَفِيْهِ أَقْوَالٌ حَسَنَةٌ، وَمُتَابَعَةٌ لِلنُّصُوصِ، مَعَ أَنَّ جَمَاعَةً مِنَ العُلَمَاءِ لاَ يَعتَدُّونَ بِخِلاَفِهِ، وَلَهُ شُذُوْذٌ فِي مَسَائِلَ شَانَتْ مَذْهَبَهُ».
وقال في " تذكرة الحفاظ " (?): «كان أهل الشام ثم أهل الأندلس على مذهب الأوزاعي مُدَّةً من الدهم، ثم فني العارفون به، وبقي منه ما يُوجَدُ في كتب الخلاف».
وقال الإمام الرباني سيدي عبد الواهاب الشَّعْرَانِيُّ في كتاب " الميزان " (?): «ومذهبه - أي أبي حنيفة - أول المذاهب تدوينًا، وآخرها انقراضًا كما قاله بعض أهل الكشف، قد اختاره الله تعالى إمامًا لدينه وعباده، ولم يزل أتباعه في زيادة في كل عصر إلى يوم القيامة، لو حُبِسَ أَحَدُهُمْ وَضُرِبَ على أن يخرج عن طريقه ما أجاب، فرضي الله عنه وعن أتباعه وعن كل من لزم الأدب معه ومع سائر الأئمة».
وقال أيضًا - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - في " الميزان " (?):
«إن الله تعالى لما مَنَّ عَلَيَّ بالاطلاع على عين الشريعة، رأيتُ