ولا وَاللهِ عرفها ابن المبارك، ولا أبو يوسف القائل: " مَنْ طَلَبَ الدِّينَ بِالكَلاَمِ تَزَنْدَقَ "، ولا وكيع، ولا بن مهدي، ولا ابن وهب، ولا الشافعي، ولا عفان، ولا أبو عبيد، ولا ابن المديني، وأحمد، وأبو ثور، والمزني، والبخاري، والأثرم، ومسلم، والنسائي، وابن خزيمة، وابن سريج، وابن المنذر، وأمثالهم، بل كانت علومهم القرآن، والحديث والفقه والنحو وشبه ذلك نعم.
وقال سفيان أيضًا فيما سمعه منه الفريابي: " مَا مِنْ عَمَلٍ أَفْضَلَ مِنْ طَلَبِ الْحَدِيثِ إِذَا صَحَّتِ النِيَّةُ فِيهِ "».
وقال في خاتمة الطبقة الخامسة (?)، التي ذكر فيها أبا حنيفة، ومالكًا والأوزاعي، وسفيان: «وفي زمان هذه الطبقة، كان الإسلام وأهله في عِزٍّ تَامٍّ وعلم غزير ... وكان في هذا الوقت [من الصالحين مثل إبراهيم بن أدهم وداود الطائي وسفيان الثوري] ... ومن الفقهاء كأبي حنيفة ومالك والأوزاعي الذين مروا». انتهى.
قلتُ: فقد ثبت مما نقلناه من تصريحات الحافظ الذهبي أمور:
1 - كانت علوم أبي حنيفة - رَحِمَهُ اللهُ - القرآن، والحديث، والفقه، والنحو، وشبه ذلك.
2 - أن الإمام أبا حنيفة طلب الحديث وأكثر منه في سنة مائة وبعدها، بل لم يكن إذ ذاك للفقهاء علم بعد القرآن سواه، وقد عُنِيَ الإمام بطلب الآثار، وارتحل في ذلك.