618 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَحْيَى الْعُذْرِيُّ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ السَّائِبُ الْكَلْبِيُّ، عَنْ أَبِي مِسْكِينٍ يَعْنِي جَعْفَرَ بْنَ الْمُحَرَّرِ بْنِ الْوَلِيدِ وَالْوَلِيدُ مَوْلًى لِأَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحْرِزٍ، مَوْلَى ابْنِ أَبِي هُرَيْرَةَ، عَنْ مُحَرَّرٍ، قَالَ: " مَرَّ نَفَرٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ بِقَبْرِ حَاتِمِ طَيِّئٍ، فَنَزَلُوا قَرِيبًا مِنْهُ، فَقَامَ إِلَيْهِ بَعْضُهُمْ، فَجَعَلَ يَرْكُضُ قَبْرَهُ بِرِجْلِهِ، وَيَقُولُ: يَا أَبَا الْجَعْرَاءِ، أَقْرِنَا فَقَالَ لَهُ بَعْضُ أَصْحَابِهِ: مَا تُخَاطِبُ مِنْ رِمَّةٍ بَلِيَتْ فَأَجَنَّهُمُ اللَّيْلُ، فَنَوَّمُوا، فَقَامَ صَاحِبُ الْقَوْلِ -[206]- فَزِعًا، فَقَالَ: يَا قَوْمِ، عَلَيْكُمْ مَطِيَّكُمْ؛ فَإِنَّ حَاتِمًا أَتَانِي فِي النَّوْمِ، وَأَنْشَدَنِي شِعْرًا، وَقَدْ حَفِظْتُهُ، يَقُولُ:
[البحر المتقارب]
أَبَا خَيْبَرِيٍّ وَأَنْتَ امْرُؤٌ ... ظَلُومُ الْعَشِيرَةِ شَتَّامُهَا
أَتَيْتَ بِصَحْبِكَ تَبْغِي الْقِرَى ... لَدَى حُفْرَةٍ صَخِبٍ هَامُهَا
تَبْغِي لِيَ الذَّنْبَ عِنْدَ الْمَبِيتِ ... وَحَوْلَكَ طَيُّ وَأَنْعَامُهَا
فَإِنَّا سَنُشْبِعُ أَضْيَافَنَا ... وَنَأْتِي الْمَطِيَّ فَنَعْتَامُهَا
قَالَ: وَإِذَا نَاقَةُ صَاحِبِ الْقَوْلِ تَكُوسُ عَقِيرًا، فَنَحَرُوهَا، وَبَاتُوا يَشْتَوُونَ وَيَأْكُلُونَ، فَقَالُوا: وَاللَّهِ قَدْ أَضَافَنَا حَاتِمٌ حَيًّا وَمَيِّتًا قَالَ أَبُو مِسْكِينٍ، عَنْ يَاسِرِ بْنِ بِسْطَامٍ قَالَ: حَقَّقَ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ الْعَرَبِ قَوْلُ ابْنِ دَارَةَ الْغَطَفَانِيِّ، وَأَتَى عَدِيَّ بْنَ حَاتِمٍ لِيَمْتَدِحَهُ، فَقَالَ لَهُ: أُحِيزُكَ بِمَالِي، فَإِنْ رَضِيتَ فَقُلْ قَالَ: وَمَا مَالُكَ؟ قَالَ: مِائَتَا ضَائِنَةٍ، وَعَبْدٌ وَأَمَةٌ، وَفَرَسٌ وَسِلَاحٌ، فَذَلِكَ كُلُّهُ لَكَ، إِلَّا الْفَرَسَ وَالسِّلَاحَ؛ فَإِنَّهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ قَالَ: قَدْ رَضِيتُ قَالَ: فَقُلْ فَقَالَ ابْنُ دَارَةَ:
[البحر الطويل]
أَبُوكَ أَبُو سِفَّانَةَ الْخَيْرِ لَمْ يَزَلْ ... لَدُنْ شَبَّ حَتَّى مَاتَ فِي الْخَيْرِ رَاغِبَا
بِهِ تُضْرَبُ الْأَمْثَالُ فِي الشِّعْرِ مَيِّتًا ... وَكَانَ لَهُ إِذْ كَانَ حَيًّا مُصَاحِبَا
قَرَى قَبْرُهُ الْأَضْيَافَ إِذْ نَزَلُوا بِهِ ... وَلَمْ يَقْرِ قَبْرٌ قَبْلَهُ الدَّهْرَ رَاكِبَا
وَأَصْبَحَ الْقَوْمُ، وَأَرْدَفُوا صَاحِبَهُمْ، وَسَارُوا، فَإِذَا رَجُلٌ يُنَوِّهُ بِهِمْ رَاكِبًا عَلَى جَمَلٍ يَقُودُ آخَرَ، فَقَالَ: أَيُّكُمْ أَبُو الْخَيْبَرِيِّ؟ قَالَ: أَنَا قَالَ: إِنَّ حَاتِمًا أَتَانِي فِي النَّوْمِ، فَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ قَرَى أَصْحَابَكَ نَاقَتَكَ، وَأَمَرَنِي أَنْ أَحْمِلَكَ، وَهَذَا بَعِيرٌ، فَخُذْهُ فَدَفَعَهُ إِلَيْهِ "