هذا الحديث فهو حق وصدق, وإن اعترض عليه من اعترض, ونعلم علم اليقين أن كل ما خالف ما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه باطل, لأن الله تعالى يقول: {فَذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمُ الْحَقُّ فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلَالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ} 1.
ومثال آخر [من أخبار يوم القيامة] :
أخبر النبي صلى الله عليه وسلم: "أن الشمس تدنو من الخلائق يوم القيامة بقدر ميل" 2. وسواء كان هذا الميل ميلَ المكحَلة أم كان ميل المسافة, فإن هذه المسافة بين الشمس ورءوس الخلائق قليلة ومع هذا فإن الناس لا يحترقون بحرها, مع أن الشمس لو تدنو الآن في الدنيا مقدار أنملة لاحترقت الأرض ومن عليها.
قد يقول قائل: كيف تدنو الشمس من رءوس الخلائق يوم القيامة بهذه المسافة, ثم يبقى الناسُ لحظةً واحدةً دون أن يحترقوا؟! نقول لهذا القائل: عليك أن تكون حسن الخلق نحو هذا الحديث.
وحسنُ الخلق نحو هذا الحديث الصحيح يكون أن نقبله ونصدق به, وأن لا يكون في صدورنا حرج منه ولا ضيق ولا تردد, وأن نعلم أن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في هذا فهو حق, ولكن هناك فارقاً عظيماً بين أحوال الناس في الدنيا, وأحوالهم في الآخرة, بحيث لا يمكن أن نقيس أحوال