262 - حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، نا أَبُو مُسْهِرٍ عَبْدُ الْأَعْلَى بْنُ مُسْهِرٍ الْغَسَّانِيُّ، ثنا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ يَزِيدَ بْنِ جَابِرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي مَكْحُولٍ قَالَ: قَدِمَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفْدٌ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَمِنْكُمْ كَانَتْ وَحَرَةُ؟» قَالُوا: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: «فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ أَدْخَلَهَا الْجَنَّةَ بِبِرِّهَا لِوَالِدَتِهَا، وَوَالِدَتُهَا مُشْرِكَةٌ، أُغِيرَ عَلَى حَيِّهَا وَتَرَكُوهَا وَأُمَّهَا، فَحَمَلَتْهَا تَشْتَدُّ بِهَا فِي الرَّمْضَاءِ، فَإِذَا احْتَرَقَتْ قَدَمَاهَا أَجْلَسَتْهَا فِي حِجْرِهَا، وَبَسَطَتْ رِجْلَيْهَا، وَجَعَلَتْ رِجْلَيْ أَمِّهَا عَلَى رِجْلَيْهَا، ثُمَّ حَنَتْ عَلَيْهَا تُظِلُّهَا مِنَ الشَّمْسِ، فَإِذَا رَاحَتْ حَمَلَتْهَا، فَلَمْ تَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى نَجَّتْهَا، فَأَدْخَلَهَا اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى بِذَلِكَ الْجَنَّةَ» . قَالَ ابْنُ جَابِرٍ: وَلَقَدْ أَدْرَكْتُ، وَإِنَّهُ لَيُقَالُ: «لَوْ كُنْتَ أَبَرَّ مِنْ وَحَرَةَ» قَالَ أَبُو مُسْهِرٍ: وَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَشْعَرِيِّينَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ: «
[البحر المتقارب]
أَلَا أَبْلِغَنْ أَيُّهَا الْمُغْتَدِي ... بَنِيَّ جَمِيعًا وَبَلِّغْ بَنَاتِي
بِأَنَّ وَصَاتِي بِتَقْوَى الْإِلَهِ ... فَاحْفَظُوا مَا بَقِيتُمْ وَصَاتِي
وَكُونُوا كَوَحَرَةَ فِي بِرِّهَا ... تَنَالُوا الْكَرَامَةَ بَعْدَ الْمَمَاتِ
وَقَتْ أُمَّهَا بِشَوَاهَا الرَّمِيضَ ... وَقَدْ أَلْهَبَ الْقَيْظُ نَارَ الْفَلَاةِ
فَظَلَّتْ مَطِيَّتُهَا فِي الرِّمَالِ ... حَافِيَةً مِنْ حِذَارِ الْعِدَاةِ
لِتُرْضِيَ رَبًّا شَدِيدَ الْقُوَى ... وَتَظْفَرَ مِنْ نَارِهِ بِالنَّجَاةِ
فَهَذِي وَصَاتِي فَكُونُوا لَهَا ... طِوَالَ الْحَيَاةِ رُعَاةَ الرُّعَاةِ»