ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً، فلما سلم النبي - صلى الله عليه وسلم - قال للأعرابي: ((لقد حجّرت واسعاً)) يريد رحمة الله (?).
وتُفسّر هذه الرواية الروايات الأخرى عند غير البخاري، فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: دخل رجل أعرابي المسجد فصلى ركعتين، ثم قال: اللهم ارحمني ومحمداً، ولا ترحم معنا أحداً! فالتفت إليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: ((لقد تحجّرت واسعاً))، ثم لم يلبث أن بال في المسجد، فأسرع الناس إليه، فقال لهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((إنما بُعثتم مُيسِّرين، ولم تُبعثوا مُعسِّرين، أهريقوا عليه دلواً من ماء، أو سجلاً من ماء)) (?).
قال: يقول الأعرابي بعد أن فقه: ((فقام النبي - صلى الله عليه وسلم - إليّ بأبي وأمي فلم يسبّ، ولم يؤنّب، ولم يضرب)) (?).
النبي - صلى الله عليه وسلم - أحكم خلق الله، فمواقفه وتصرفاته كلها مواقف حكمة مشرفة، ومن وقف على أخلاقه ورفقه وعفوه وحلمه، ازداد يقينه وإيمانه بذلك.
وهذا الأعرابي قد عمل أعمالاً تثير الغضب، وتسبّب عقوبته وتأديبه من الحاضرين؛ ولذلك قام الصحابة إليه، واستنكروا أمره، وزجروه، فنهاهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقطعوا عليه بوله.