الله أكبر! ما أعظم هذا الخلق! وما أكبر أثره في النفس! أعرابي يريد قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم يعصمه الله منه، ويمكِّنه من القدرة على قتله، ثم يعفو عنه! إن هذا لخُلُقٌ عظيم، وصدق الله العظيم إذ يقول للنبي - صلى الله عليه وسلم -: {وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ} (?)، وهذا الخلق الحكيم قد أثَّر في حياة الرجل، وأسلم بعد ذلك، فاهتدى به خلق كثير (?).
كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعفو عند القدرة، ويحلم عند الغضب، ويحسن إلى المسيء، وقد كانت هذه الأخلاق العالية من أعظم الأسباب في إجابة دعوته والإيمان به، واجتماع القلوب عليه، ومن ذلك ما فعله مع زيد بن سعنة، أحد أحبار اليهود وعلمائهم الكبار (?).
جاء زيد بن سعنة إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطلبه ديناً له، فأخذ بمجامع قميصه وردائه وجذبه، وأغلظ له القول، ونظر إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - بوجهٍ غليظٍ وقال: يا محمد، ألا تقضيني حقي، إنكم يا بني عبد المطلب قوم مُطْلٌ،