وهذا من ظواهر حلم النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقد أخذ بالظاهر، ولم يؤمر أن ينقب قلوب الناس، ولا أن يشق بطونهم، والرجل قد استحق القتل واستوجبه؛ ولكن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يقتله، لئلا يتحدّث الناس أنه يقتل أصحابه، ولاسيما من صلّى (?).
من مواقف الحلم ما فعله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع الطفيل بن عمرو الدوسي - رضي الله عنه -، فقد أسلم الطفيل - رضي الله عنه - قبل الهجرة في مكة، ثم رجع إلى قومه يدعوهم إلى الإسلام، فبدأ بأهل بيته، فأسلم أبوه وزوجته، ثم دعا قومه إلى الله - عز وجل - فأبت عليه وعصت، وأبطؤوا عليه، فجاء الطفيل إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكر له أن دوساً هلكت وكفرت وعصت وأبت.
فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: جاء الطفيل بن عمرو الدوسي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: إن دوساً قد عصت وأبت، فادع الله عليهم، فاستقبل رسول الله القبلة ورفع يديه، فقال الناس: هلكوا. فقال: ((اللهم اهد دوساً، وائت بهم، اللهم اهد دوساً، وائت بهم)) (?).
وهذا يدلّ على حلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وصبره، وتأنِّيه في الدعوة إلى الله - عز وجل -؛ فإنه - صلى الله عليه وسلم - لم يعجل بالعقوبة، أو الدعاء على من ردّ الدعوة؛ ولكنه - صلى الله عليه وسلم - دعا لهم