التُّجِيبي السّبتي أنهم يزيدون على الألف، ثم قال: "وهذا اتساع عظيم في الأخذ عن المشايخ".
وكان لَهُ عند مُلُوكِ مِصْرَ الجَاهُ والكَلِمَةُ النَّافِذَةُ، بَنَى له الوزير العادل ابن السلآر مدرسة كبيرة أطلق عليها المدرسة العادلية، ثم سميت بعد ذلك باسمه "السِّلَفية"، ووقف عليها وقفاً، وكان يدرس بها الفقه على مذهب الشافعي ويروي الحديث.
والمُتَصَفّحُ للمصادر التي ترجمت للحافظ السِّلفي يجد أن كثيرًا من الأئمة قد أثنوا عليه ثناء عاطراً، وأشادوا إشادة بالغة بسعة علومه، وعلو مكانته.
قال المنذري: "كان أوحد زمانه في علم الحديث وأعرفهم بقوانين الرواية والتحديث، جمع بين علو الإِسناد، وغلو الانتقاد، وبذلك ينفرد عن أبناء جنسه".
وقال أبو سعد السمعاني: "السِّلفي ثقة ورع متقن متثبت، فهم حافظ، له حَظُّ من العربية، كثير الحديث، حسن اللهم والبصيرة فيه".
وقال ابن ناصر: "كان ببغداد كأنه شُعْلَةُ نار في تحصيل الحديث".
وقال أبو الربيع ابن سالم: "متفرد في الدنيا بالإِمامة في علم الحديث، وعلو الدرجة في الإِسناد، وأخذ عنه أهل الأرض جيلاً بعد جيل، وسمع الناس على أصحابه، وهو لم يبعد عهده بشبابه".
ورُوِيَ عن السِّلفي نفسه أنه قال:
ليس على الأرض في زماني ... من شأنه في الحديث شاني
نظماً وضبطاً يلي علوًّا ... فيه على رغم كل شاني
وكانت وفاته رحمه الله رحمة واسعة جزاه عن الإِسلام والمسلمين خير الجزاء، في صبيحة يوم الجمعة خامس شهر ربيع الآخر سنة ست وسبعين وخمسمائة، وقد تجاوز من العمر مائة سنة.