الكعبة " وأن ابن مسعود هاجر إلى أرض الحبشة ثم رجع إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدرًا؟ فقال: بلى. فقلت له: فإذا كان مقدم ابن مسعود على النبي - صلى الله عليه وسلم - بمكة قبل الهجرة، ثم كان عمران بن حُصَيْن يروي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى جذعًا في مؤخر مسجده، ألست تعلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يُصَلِّ في مسجده إلا بعد هجرته من مكة؟ قال: بلى. قلت: فحديث عمران يدلك على أن حديث ابن مسعود ليس بناسخ لحديث ذي اليدين، وأبو هريرة يقول: " صلى بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". قال: فلا أدري ما صحبة أبي هريرة؟ قلت له: قد بدأنا بما فيه الكفاية من حديث عمران الذي لا يشكل عليك، وأبو هريرة إنما صحب النبي - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، وقال أبو هريرة: " صحبتُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثَ سنينَ أو أربعًا " وقد أقام النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة سنين سوى ما أقام بمكة بعد مقدم ابن مسعود وقبل صحبة أبي هريرة. قال: ذو اليدين الذي رويتم عنه، المقتول ببدر؟ قلت: لا، عمران يسميه الخرباق، ويقول: قصير اليدين أو مديد اليدين، والمقتول ببدر ذو الشمالين، ولو كان كلاهما ذا اليدين كان اسمًا يشبه أن يكون وافق اسمًا، كما تتفق الأسماء " (?).
وأما حديث " معاوية بن الحكم " في الصلاة أنه تكلم [172 / و] في الصلاة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: " إن صلاتنا هذه لا يصلح فيها شيءٌ من كلام بني آدم " فلم يبين " الشافعي " تاريخه بل قال: " إن كان أمر معاوية قبل أمر ذي اليدين فهو منسوخ، وإن كان معه أو بعد فقد تكلم وهو جاهلٌ أن الكلام محرم في الصلاة، ولم يحك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بإعادة؛ فهو في مثل حديث ذي اليدين أو أكثر ".
وما أشار إليه " الشافعي " من حديث معاوية بن الحكم، لفظه: " بينا أنا أصلي مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذ عطس رجلٌ من القوم، فقلت: يرحمك الله؛ فرماني القوم بأبصارهم، فقلت: واثُكلَ أمَيَّاه! ما شأنكم تنظرون إليَّ؟ فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم، فلما رأيتهم يُصمتونني سكتُّ، فلما صلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فبأبي وهو وأمي، ما رأيتُ معلما قبله ولا بعده أحسن تعليما منه، فوالله ما كَهَرَني ولا ضربني ولا شتمني، قال: إن هذه