كان أعظمَ عليَّ منها. فلما سلم أشار بيده إلى القوم فقال: إن الله أحدث في الصلاة ألا تتكلموا فيها إلا بذكرِ الله، وأن تقوموا لله قانتين " (?).
والحديث الأول يدل على أن جواز الكلام في الصلاة كان قبل الهجرة إلى المدينة، وأن تحريم الكلام كان بمكة، وبذلك تتبين الرواية الثانية، وما رواه " البخاري، ومسلم " عن عبدالله بن مسعود، قال: " كنا نسلم على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمتُ عليه فلم يرد عليَّ، فقلنا: يا رسول الله، كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا. فقال: إن في الصلاة شغلا " (?).
وبالتاريخ الذي سقناه يتبين الردُّ على من قال: إن (حديث ابن مسعود) ناسخ لحديث أبي هريرة في الكلام، في (حديث ذي اليدين) (?). ووجه الرد: تبين تقدمُ حديث ابن مسعود، وتأخرُ حديث أبي هريرة، ومن روى نحو رواية أبي هريرة. ومجيءُ عبدالله بن مسعود من أرض الحبشة إلى مكة، قبل الهجرة؛ رواه " أبو داود الطيالسي (?) " ورواه غيرُ واحد من أصحاب السِّيَر، وإسلام أبي هريرة إنما كان عامَ خيبر. روى " البخاري " من رواية أبي هريرة: عن عنبسة بن سعيد بن العاص عن أبي هريرة قال: " قدمت على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه بخيبرَ لما افتتحوها " (?). وقد روى " عمران بن حصين " حديثَ السهو ومنه قصةُ ذي اليدين - وسماه الخرباق - (?) نحو رواية أبي هريرة. وعمران بن الحصين كان إسلامه بعد بدر.
وروى " معاوية بن حُدَيْج ": " أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى يومًا فسلَّم وقد بقيتْ من الصلاة ركعةٌ، فأدركه رجل فقال: نسيتَ من الصلاة ركعة. فرجع فدخل المسجد