ذلك تُنَبه العارفَ بهذا الشأن على إرسال ٍ في الموصول أو وقف في المرفوع، أو دخول ِ حديثٍ في حديثٍ، أو وهم واهم لِغير ذلك؛ بحيث يغلب على ظنه فيحكم به، أو يترددُ فيتوقفُ فيه. وكلُّ ذلك مانعٌ من الحُكم بصحةِ ما وُجِدَ ذلك فيه.
وكثيرا ما يُعللون الموصولَ بالمرسَل، مثل أن يجيء الحديثُ بإسنادٍ موصول ٍ، ويجيءَ أيضًا بإسنادٍ منقطع أقوى من إسناد الموصول. ولهذا اشتملت كتبُ عِلَل ِ الحديثِ على جميع ِ طرقهِ. قال " الخطيب أبو بكر ": السبيلُ إلى معرفة علةِ الحديثِ أن يُجمع بين طُرقِه ويُنظرَ في اختلافِ رُوَاتِه ويُعتبر بمكانِهم من الحفظ ومنزلتِهم في الإِتقانِ والضبط. ورُوِي عن " عليِّ ابنِ المديني " قال: البابُ إذا لم تجمع طُرقُه، لم يتبينْ خطؤه (?).
ثم قد تقع العلةُ في إسنادِ الحديث، وهو الأكثر، وقد تقع في مَتْنِه. ثم ما يقع في الإِسناد قد يَقدحُ في صحةِ الإِسناد والمتنِ جميعًا، كما في التعليل بالإِرسال والوقف. وقد يقدح في صحةِ الإِسناد خاصةً من غير قدح في صحةِ المتن.
فمن أمثلة ما وقعت العِلةُ في إسنادِه من غير قدح ٍ في صحة المتْنِ، ما رواه الثقةُ يعلى ابنُ عبيد، عن سفيان الثوري، عن عمرو بن دينار، عن ابن عمر، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: " البيعانِ بالخيارِ ... " الحديث. فهذا إسنادٌ متصلٌ بنقل ِ العدل ِ عن العدل ِ. وهُوَ معلَّلٌ غيرُ صحيح، والمتنُ على كلِّ حال صحيح. والعلةُ في قوله: " عن عمرو بنِ دينار "؛ إنما هو عن " عبدِالله بنِ دينار عن ابنِ عمر " هكذا رواه الأئمةُ من أصحابِ " سفيانَ " عنه. فَوَهِمَ " يَعلى بنُ عُبَيد " وعدَلَ عن عبدِالله بن دينار، إلى عمرو بن دينار. وكلاهما ثقة (?).