الأعصارِ الاستقلالُ بإدراكِ الصحيح بمجردِ اعتبار الأسانيد، لأنه ما من إسناد من ذلك إلا وتجد في رجاله من اعتمد في روايته على ما في كتابِه، عريًا عما يُشترَط في الصحيح من الحفظِ والإِتقان: فآل الأمرُ إذًا في معرفة الصحيح والحسَن، إلى الاعتمادِ على ما نَصَّ عليه أئمةُ الحديثِ في تصانيفهم المعتَمدة المشهورة التي يُؤمن فيها، لشُهرتِها، من التغيير والتحريف؛ وصار معظمُ المقصودِ بما يُتداوَل من الأسانيدِ خارجًا عن ذلك، إبقاءَ سلسلةِ الإِسناد التي خُصَّت بها هذه الأمةُ، زادها الله شرفًا، آمين.

الثالثة: أولُ من صنف الصحيح *: " البخاريُّ أبو عبدالله محمد بن إِسماعيل الجعفي، مولاهم " (?)، وتلاه " أبو الحسين مسلم بن الحجاج النيسابوري القُشَيري، من أنفسِهم. و " مسلم " مع أنه أخذ عن " البخاري " واستفاد منه، يشاركه في أكثرِ شيوخِه. وكتاباهما أصَحُّ الكتبِ بعد كتاب الله العزيز (?). وأما ما رُوِّيناه عن " الشافعي " رضي الله عنه من أنه قال: " ما أعلم في الأرض كتابًا في العلم أكثرَ صوابًا من كتابِ مالك " - ومنهم من رواه بغير هذا اللفظ (?) - فإنما قال ذلك قبل وجود كتابي البخاري ومسلم.

ثم إن كتاب البخاري أصحُّ الكتابين صحيحًا وأكثرهما فوائدَ (?). وأما ما رويناه عن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015