ثُمَّ إنَّ كتابَ البخاريِّ أصحُّ الكتابَيْنِ صحيحاً وأكثرُهُما فوائدَ (?). وأمَّا ما رُوِّيْناهُ عنْ أبي عليٍّ الحافظِ النَّيْسابوريِّ أستاذِ الحاكمِ أبي عبدِ اللهِ (?) الحافِظِ مِنْ أنَّهُ قالَ: ((ما تحتَ أديمِ السماءِ كتابٌ أصحُّ مِنْ كتابِ مُسلمِ بنِ الحجَّاجِ)) (?) فهذا وقولُ مَنْ فضَّلَ مِن شيوخِ المغربِ كتابَ مسلمٍ على كتابِ البخاريِّ إن كانَ المرادُ بهِ أنَّ كتابَ مسلمٍ يترجَّحُ بأنَّهُ لَمْ يُمَازجْهُ غيرُ الصحيحِ، فإنَّهُ ليسَ فيهِ بعدَ خُطبتِهِ إلاَّ الحديثُ الصحيحُ مسروداً غيرَ ممزوجٍ بمثلِ ما في كتابِ البخاريِّ في تراجمِ أبوابِهِ مِنَ الأشياءِ التي لَمْ يُسندْها على الوصفِ المشروطِ في الصحيحِ فهذا لا بأسَ بهِ (?). وليسَ يلزمُ منهُ أنَّ كتابَ مسلمٍ أرجحُ فيما يرجعُ إلى نفسِ الصحيحِ على كتاب البخاريِّ، وإنْ كانَ المرادُ بهِ أنَّ كتابَ مسلمٍ أصحُّ صحيحاً، فهذا مردودٌ على مَنْ يقولُهُ، واللهُ أعلمُ.
الرابعةُ: لَمْ يَستوعبا الصحيحَ في صحيحَيْهِما ولا التزما ذلكَ (?)، فقدْ رُوِّيْنا عنِ البخاريِّ أنَّهُ (?) قالَ: ((ما أدخلْتُ في كتابي " الجامعِ " إلاَّ ما صحَّ، وتركْتُ مِنَ الصِّحَاحِ لحالِ الطُّولِ)) (?). ورُوِّيْنا عنْ مسلمٍ أنَّهُ قالَ: ((ليسَ كُلُّ شيءٍ عندي،