قد بات شيئاً مهمّاً في قواعد علم تحقيق المخطوطات ونشرها، أن يثبت المحقق الاسم الصحيح للكتاب الذي أسماه به مؤلفه، إذ قد تتقاذف الكتاب أيادي الدهر وتتقادم عليه الأيام والسنون، فيبلى بمرورها اسمه ويندثر رسمه، ومن تلك المصنفات التي جرت عليها هذه الجواري كتابنا هذا، فقد اشتهر بين الناس أن اسمه " مقدمة ابن الصلاح " أو " علوم الحديث "، والحق أن واحداً من هذين الاسمين لَمْ يسمه به مؤلفه، وقد حقق هذا تحقيقاً علمياً الدكتور موفق بن عبد الله بن عبد القادر في فصل نفيس ضمَّنه كتابه القيم " توثيق النصوص وضبطها عن المحدِّثين " (?)، رأينا أن ننقله بنصّه إذ لا مزيد عَلَى ما أتى به فقال - أيده الله -:
((ومثاله أيضاً كتاب " معرفة أنواع علوم الحديث " للإمام الحافظ أبي عمرو عثمان ابن عبد الرحمان الشهرزوري المتوفَّى سنة (643 هـ). فإن هذا الكتاب عُرِف واشتُهِر بين طلاَّب العلم باسم "مقدِّمة ابن الصلاح" فَمِنْ أينَ جاءته هذه التسمية؟
1. إن المصنِّف - رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى - لَمْ يسمِّ كتابه بـ " المقدمة " كما أن أحداً من أهل العلم ممَّن جاء بعد الصلاح لَمْ يسمِّ كتاب [ابن] (?) الصلاح بـ " المقدِّمة ".
2. إن ابن الصلاح قد سمَّى كتابه ونص عَلَى هذه التسمية في فاتحة كتابه فقال: (( ... فحين كاد الباحث عن مشكلة لا يلقى له كاشفاً، والسائل عن علمه لا يلقى به عارفاً، مَنَّ الله الكريم - تبارك وتعالى -، وله الحمد أجمع بكتاب: " معرفة أنواع علم الحديث "، هذا الذي باح بأسراره الخفية ... )) (?).