وكَانَ للشَّافِعِيِّ - رضي الله عنه - فيهِ يَدٌ طُولَى وسَابِقَةٌ أُوْلَى. رُوِّيْنا عَنْ مُحَمَّدِ بنِ مُسْلِمِ بنِ وارَةَ (?) - أحَدِ أئِمَّةِ الحديثِ - أنَّ أحمدَ بنَ حَنْبَلٍ قالَ لهُ وقدْ قَدِمَ مِنْ مِصْرَ (?): ((كَتَبْتَ كُتُبَ الشَّافِعِيِّ؟ فقالَ: لا. قالَ فَرَّطْتَ، ما عَلِمْنا المجْمَلَ مِنَ المفَسَّرِ ولا ناسِخَ حديثِ رسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - مِنْ مَنْسُوخِهِ حَتَّى جَالَسْنا الشَّافِعِيَّ)).
وفيمَنْ عَانَاهُ مِنْ أهلِ الحديثِ مَنْ أدخَلَ فيهِ ما ليسَ منهُ لِخَفاءِ مَعْنَى النَّسْخِ وشَرْطِهِ. وهوَ عبارةٌ عَنْ رَفْعِ الشَّارِعِ حُكْماً منهُ مُتَقَدِّماً بِحُكْمٍ منهُ مُتَأَخِّرٍ (?). وهذا حَدٌّ وَقَعَ لنا سالِمٌ مِنِ اعْتِراضاتٍ وَرَدَتْ عَلَى غيرِهِ (?).
ثُمَّ إنَّ ناسِخَ الحديثِ ومَنْسُوخِهِ يَنْقَسِمُ أقْسَاماً:
فمِنْها ما يُعْرَفُ بِتَصْرِيحِ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - بهِ. كَحَدِيثِ بُرَيْدَةَ (?) الذي أخرجَهُ مُسْلِمٌ في " صَحِيْحِهِ "؛ أنَّ رسُولَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - قالَ: ((كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوها)) (?) في أشْباهٍ لِذَلِكَ.