ومَنْ سُئِلَ عَنْ إبْرَازِ (?) مِثالٍ لِذَلِكَ فيما يُرْوَى مِنَ الحديثِ أعياهُ تَطَلُّبُهُ، وحديثُ: ((إنَّمَا الأعْمالُ بالنِّيَّاتِ)) (?) ليسَ مِنْ ذَلِكَ بِسَبيلٍ، وإنْ نَقَلَهُ عَدَدُ التَّواتُرِ وزِيادَةٌ؛ لأنَّ ذَلِكَ طَرَأَ عليهِ في وَسَطِ إسْنادِهِ ولَمْ يُوجَدْ في أوائِلِهِ عَلَى ما سَبَقَ ذِكْرُهُ.
نَعَمْ ... حديثُ: ((مَنْ كَذَبَ عليَّ مُتَعَمِّداً فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)) (?) نراهُ مِثالاً لِذَلِكَ، فإنَّهُ نَقَلَهُ مِنَ الصَّحَابَةِ - رضي الله عنهم - العَدَدُ الْجَمُّ، وهوَ في " الصحيحينِ " مَرْوِيٌّ عَنْ جَماعَةٍ مِنْهُم. وذَكَرَ أبو بَكْرٍ البَزَّارُ (?) الحافِظُ الجليلُ في " مُسْنَدِهِ " أنَّهُ رواهُ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - نَحْوٌ مِنْ أربَعِينَ رَجلاً مِنَ الصَّحابةِ. وذَكَرَ بعضُ الْحُفَّاظِ أنَّهُ رواهُ عنهُ - صلى الله عليه وسلم - اثنانِ وستُّونَ نَفْساً (?) مِنَ الصحابَةِ، وفيهم العَشَرَةُ المشْهُودُ لهم بالجنَّةِ. قالَ: وليسَ في (?) الدُّنيا حديثٌ اجْتَمَعَ عَلَى روايتهِ العَشَرَةُ غيرَهُ، ولا يُعْرَفُ حديثٌ يُرْوَى عَنْ أكْثَر مِنْ سِتِّينَ نَفْساً مِنَ الصَّحابَةِ عَنْ رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - إلاَّ هذا الحديثُ الواحِدُ (?).
قُلْتُ (?): وبَلَغَ بِهِمْ بعضُ أهلِ الحديثِ أكثرَ مِنْ هذا العَدَدِ، وفي بعضِ ذَلِكَ عَدَدُ التَّواتُرِ. ثُمَّ لَمْ يَزَلْ عدَدُ رواتِهِ في ازْدِيادٍ وهَلُمَّ جَرّاً عَلَى التَّوالِي والاسْتِمرارِ، واللهُ أعلمُ.