أحاديثَ فَيَجْمَعُونَ طُرُقَها في كُتُبٍ مُفْرَدةٍ، نحوُ: طُرُقِ حديثِ قَبْضِ العِلْمِ، وحديثِ الغُسْلِ (?) يَومَ الْجُمُعَةِ، وغيرِ ذَلِكَ. وكثيرٌ مِنْ أنواعِ كِتابنا هذا قَدْ أفرَدُوا أحاديْثَهُ بالْجَمْعِ والتَّصْنِيفِ.

وعليهِ في كُلِّ ذَلِكَ، تَصْحِيحُ القَصْدِ والْحَذَرُ مِنْ قَصْدِ المكاثَرَةِ ونَحْوِهِ. بَلَغَنا عَنْ حَمْزَةَ بنِ مُحَمَّدٍ الكِنانِيِّ (?) أنَّهُ خَرَّجَ حديثاً واحِداً مِنْ نَحوِ مِئتَي طريقٍ، فأعْجبَهُ ذَلِكَ، فرأى يَحْيى بنَ مَعينٍ في مَنامِهِ، فَذَكَرَ لهُ ذَلِكَ، فقالَ لهُ: ((أخْشَى أنْ يَدْخُلَ هذا تَحْتَ: {ألْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ} (?))) (?).

ثُمَّ لِيحذَرْ أنْ يُخرِجَ إلى الناسِ ما يُصَنِّفُهُ إلاَّ بَعْدَ تَهْذِيْبِهِ وتَحْريرِهِ وإعادةِ النَّظَرِ فيهِ وتَكْرِيْرِهِ (?). وليتَّقِ أنْ يَجْمَعَ ما لَمْ يَتَأَهَّلْ بَعْدُ لاجْتِناءِ ثَمَرَتِهِ واقْتِنَاصِ فائِدةِ جَمْعِهِ؛ كَيْلا يَكونَ حُكْمُهُ مَا رُوِّيْناهُ (?) عَنْ عليِّ بنِ المدينِيِّ، قالَ: إذا رأيْتَ الْحَدَثَ أوَّلَ مَا يَكْتُبُ الحدِيثُ يجمعُ حديثَ ((الغُسْلِ)) وحديثَ: ((مَنْ كَذَبَ))؛ فاكْتُبْ عَلَى قَفَاهُ لا يُفْلِحُ)) (?).

ثُمَّ إنَّ هذا الكتابَ مَدْخَلٌ إلى هذا الشَّأنِ، مُفْصِحٌ عَنْ أُصُولِهِ وفُروعِهِ، شارِحٌ (?) لمصطلحاتِ أهلهِ ومقاصِدِهم ومُهمَّاتهِم التي ينْقُصُ المُحَدِّثُ بالجهلِ بها نقْصاً فاحِشَاً، فهو إن شاءَ اللهُ جديرٌ بأنْ تُقَدَّمَ العنايةُ بهِ، ونسألُ اللهَ سبحانَهُ فَضْلَهُ العظيمَ، واللهُ أعلمُ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015