مِنْ أهلِ العِلْمِ يَقُولُونَ: قَولُ المحدِّثِ: ((قَدْ أجَزْتُ لَكَ أنْ تَرْوِيَ عَنِّي))، تَقْدِيْرُهُ: قَدْ أجَزْتُ لَكَ مَا لاَ يَجُوزُ في الشَّرْعِ؛ لأنَّ الشَّرْعَ لاَ يُبِيحُ روايةَ مَا لَمْ يَسْمَعْ (?).
قُلْتُ: ويُشْبِهُ هذا ما حَكَاهُ أبو بَكْرٍ محمَّدُ بنُ ثَابِتٍ الخُجَنْدِيُّ (?) - أحَدُ مَنْ أبْطَلَ الإجازَةَ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ - عَنْ أبي طَاهِرٍ الدَّبَّاسِ (?) - أحَدِ أئِمَّةِ الحنَفِيَّةِ - قالَ: مَنْ قَالَ لِغَيْرِهِ: ((أجَزْتُ لَكَ أنْ تَرْوِيَ عَنِّي مَا لَمْ تَسْمَعْ؛ فكأنَّهُ يَقُولُ: ((أجَزْتُ لَكَ أنْ تَكْذبَ عَليَّ)) (?).
ثُمَّ إنَّ الذي اسْتَقَرَّ عليهِ العَمَلُ، وقَالَ بهِ جَماهِيْرُ أهْلِ العِلْمِ مِنْ أهْلِ الحديثِ وغَيْرِهِمْ: القَوْلُ بتَجْويزِ الإجَازَةِ وإباحَةِ الروايَةِ بها (?)، وفي الاحْتِجَاجِ لِذَلِكَ غُمُوضٌ. ويَتَّجهُ أنْ نَقُولَ: إذا أجازَ لهُ أنْ يَرْوِيَ عنهُ مَرْوِيَّاتِهِ فَقَدْ (?) أخْبَرَهُ بها جُمْلَةً، فَهوَ كَمَا لوْ أخْبَرَهُ تَفْصِيْلاً، وإخْبَارُهُ بِهَا غَيْرُ مُتَوَقِّفٍ عَلَى التَّصْرِيْحِ نُطْقاً كَمَا في القِرَاءَةِ علَى الشَّيْخِ