قُرِئَ عليهِ وهوَ يَنْسَخُ شَيْئاً آخَرَ غَيْرَ مَا يُقْرَأُ (?). ولاَ فَرْقَ بَيْنَ النَّسْخِ مِنَ السَّامِعِ والنَّسْخِ مِنَ المسْمِعِ.
قُلْتُ: وخَيْرٌ مِنْ هذا الإطْلاَقِ: التفصِيْلُ، فَنَقُولُ: لاَ يَصِحُّ السَّمَاعُ إذا كَانَ النَّسْخُ بحَيْثُ يَمْتَنِعُ مَعَهُ فَهْمُ النَّاسِخِ لِمَا يُقْرَأُ، حَتَّى يَكُونَ الواصِلُ إلى سمْعِهِ كأنَّهُ صَوْتٌ غُفْلٌ، ويَصِحُّ إذا كَانَ بحيثُ لاَ يَمْتَنِعُ معَهُ الفَهْمُ، كَمِثْلِ ما رُوِّيْنا (?) عَنِ الحَافِظِ العَالِمِ أبي الحسَنِ الدَّارقطنيِّ أنَّهُ حَضَرَ في حَدَاثَتِهِ مَجْلِسَ إسْمَاعِيْلَ الصَّفَّارِ فَجَلَسَ يَنْسَخُ جُزْءاً كَانَ مَعَهُ وإسْمَاعِيْلُ يُمْلِي، فَقَالَ لهُ بعضُ الحاضِرِيْنَ: ((لاَ يَصِحُّ سَمَاعُكَ وأنْتَ تَنْسَخُ!))، فقالَ: ((فَهْمِي للإمْلاَءِ خِلاَفُ فَهْمِكَ، ثُمَّ قَالَ: تَحْفَظُ كَمْ أمْلَى الشَّيْخُ مِنْ حديثٍ إلى الآنَ؟))، فقالَ: لاَ، فقالَ الدَّارقطنيُّ: ((أمْلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ حديثاً))، فَعُدَّتِ الأحاديثُ فَوُجِدَتْ كَمَا قَالَ. ثُمَّ قَالَ أبو الحسَنِ: ((الحديثُ الأوَّلُ مِنْها عَنْ فُلاَنٍ، عَنْ فُلاَنٍ، ومَتْنُهُ كذا، والحديثُ الثاني عَنْ فُلاَنٍ، عَنْ فُلاَنٍ، ومَتْنُهُ كذا))، ولَمْ يَزَلْ يَذْكُرُ أسَانِيْدَ الأحاديثِ ومُتُونَها عَلَى ترْتِيبِها في الإمْلاَءِ حَتَّى أتَى عَلَى آخِرِهَا، فَتَعَجَّبَ النَّاسُ منهُ واللهُ أعلمُ.
السَّادِسُ: ما ذَكَرْناهُ في النَّسْخِ مِنَ التَّفْصِيلِ يَجْرِي مِثْلُهُ فيما إذا كَان الشَّيْخُ أو السَّامِعُ يَتَحَدَّثُ، أوْ كَانَ القَارِئُ خَفِيْفَ القِرَاءَةِ يُفْرِطُ (?) في الإسْرَاعِ، أوْ كَانَ يُهَيْنِمُ (?) بحيثُ يَخْفَى بعضُ الكَلِمِ (?)، أوْ كَانَ السَّامِعُ بَعِيْداً عَنِ القَارِئِ، ومَا أشْبَهَ ذَلِكَ.
ثُمَّ الظَّاهِرُ أنَّهُ يُعْفَى في كُلِّ ذَلِكَ عَنِ القَدْرِ اليَسِيْرِ، نحوِ الكَلِمَةِ والكَلِمَتَيْنِ. ويُسْتَحَبُّ للشَّيْخِ أنْ يُجِيْزَ لِجَمِيْعِ السَّامِعينَ (?) روايَةَ جَمِيْعِ الجزْءِ أو الكِتابِ الذي سَمِعُوهُ وإنْ