ومِنَ الحجَّةُ في ذلكَ وفي سائرِ البابِ أنَّهُ لوْ لَمْ يَكُنْ قَدْ سَمِعَهُ منهُ لكانَ بإطلاقِهِ الروايةَ عنهُ مِنْ غيرِ ذِكْرِ الواسطةِ بينَهُ وبينَهُ: مُدلِّساً، والظاهرُ السلامةُ مِنْ وَصْمَةِ التدليسِ، والكلامُ فيمَنْ لَمْ يُعرَفْ بالتدليسِ.

ومِنْ أمثلةِ ذلكَ قولُهُ: ((قالَ فلانٌ كذا وكذا))؛ مثلُ أنْ يقولَ نافِعٌ: ((قالَ ابنُ عُمَرَ)). وكذلكَ لو قالَ عنهُ: ((ذَكَرَ، أو فَعَلَ، أو حَدَّثَ، أو كانَ يقولُ: كذا وكذا))، وما جانسَ ذلكَ فَكُلُّ ذلكَ محمولٌ ظاهراً على الاتِّصالِ، وأنَّهُ تَلقَّى ذلكَ مِنهُ مِنْ غيرِ واسطةٍ بينهُما مَهْمَا ثَبَتَ لقاؤُهُ لهُ على الجمْلَةِ.

ثُمَّ مِنْهُمْ مَنِ اقتَصَرَ في هذا الشرطِ المشروطِ في ذلكَ ونحوِهِ على مطلقِ اللِّقاءِ أو السَّماعِ كما حكيناهُ آنِفاً. وقالَ فيهِ أبو عمرٍو المقرئُ (?): ((إذا كانَ معروفاً بالروايةِ عنهُ)). وقالَ فيهِ أبو الحسنِ القابسيُّ (?): ((إذا أدرَكَ المنقولَ عنهُ إدراكاً بيِّناً)).

وذكرَ أبو المظفَّرِ السَّمْعانيُّ في العنعَنةِ: أنَّهُ يُشْتَرطُ طولُ الصُّحبةِ بينَهُمْ (?). وأنكَرَ مسلمُ بنُ الحجَّاجِ في خُطْبَةِ " صحيحِهِ " (?) على بعضِ أهلِ عصرِهِ (?) حيثُ اشترطَ في العنعنةِ ثبوتَ اللِّقاءِ والاجتماعِ، وادَّعَى أنَّهُ قولٌ مُخْتَرَعٌ لَمْ يُسْبَقْ قائلُهُ إليهِ، وأنَّ القولَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015