وَالطَّبَقَةُ فِي اللُّغَةِ عِبَارَةٌ عَنِ الْقَوْمِ الْمُتَشَابِهِينَ، وَعِنْدَ هَذَا فَرُبَّ شَخْصَيْنِ يَكُونَانِ مِنْ طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ لِتَشَابُهِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَةٍ، وَمِنْ طَبَقَتَيْنِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى جِهَةٍ أُخْرَى لَا يَتَشَابَهَانِ فِيهَا، فَأَنَسُ بْنُ مَالِكٍ الْأَنْصَارِيُّ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ مَعَ الْعَشَرَةِ وَغَيْرِهِمْ مِنْ أَكَابِرِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَبَقَةٍ وَاحِدَةٍ إِذَا نَظَرْنَا إِلَى تَشَابُهِهِمْ فِي أَصْلِ صِفَةِ الصُّحْبَةِ.
وَعَلَى هَذَا فَالصَّحَابَةُ بِأَسْرِهِمْ طَبَقَةٌ أُولَى، وَالتَّابِعُونَ طَبَقَةٌ ثَانِيَةٌ، وَأَتْبَاعُ التَّابِعِينَ ثَالِثَةٌ، وَهَلُمَّ جَرًّا.
وَإِذَا نَظَرْنَا إِلَى تَفَاوُتِ الصَّحَابَةِ فِي سَوَابِقِهِمْ وَمَرَاتِبِهِمْ كَانُوا - عَلَى مَا سَبَقَ ذِكْرُهُ - بِضْعَ عَشْرَةَ طَبَقَةً، وَلَا يَكُونُ عِنْدَ هَذَا أَنَسٌ وَغَيْرُهُ مِنْ أَصَاغِرِ الصَّحَابَةِ مِنْ طَبَقَةِ الْعَشَرَةِ مِنَ الصَّحَابَةِ، بَلْ دُونَهُمْ بِطَبَقَاتٍ.
وَالْبَاحِثُ النَّاظِرُ فِي هَذَا الْفَنِّ يَحْتَاجُ إِلَى مَعْرِفَةِ الْمَوَالِيدِ وَالْوَفَيَاتِ، وَمَنْ أَخَذُوا عَنْهُ وَمَنْ أَخَذَ عَنْهُمْ، وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.