وَالْمُصَنِّفُ فِي ذَلِكَ يُبَوِّبُ كِتَابَهُ عَلَى الْكُنَى مُبَيِّنًا أَسْمَاءِ أَصْحَابِهَا.

وَهَذَا فَنٌّ مَطْلُوبٌ، لَمْ يَزَلْ أَهْلُ الْعِلْمِ بِالْحَدِيثِ يُعْنَوْنَ بِهِ وَيَتَحَفَّظُونَهُ وَيَتَطَارَحُونَهُ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَيَتَنَقَّصُونَ مَنْ جَهِلَهُ. وَقَدِ ابْتَكَرْتُ فِيهِ تَقْسِيمًا حَسَنًا، فَأَقُولُ: أَصْحَابُ الْكُنَى فِيهَا عَلَى ضُرُوبٍ:

أَحَدُهَا: الَّذِينَ سُمُّوا بِالْكُنَى، فَأَسْمَاؤُهُمْ كُنَاهُمْ، لَا أَسْمَاءَ لَهُمْ غَيْرُهَا وَيَنْقَسِمُ هَؤُلَاءِ إِلَى قِسْمَيْنِ:

أَحَدُهُمَا: مَنْ لَهُ كُنْيَةٌ أُخْرَى سِوَى الْكُنْيَةِ الَّتِي هِيَ اسْمُهُ، فَصَارَ كَأَنَّ لِلْكُنْيَةِ كُنْيَةً، وَذَلِكَ طَرِيفٌ عَجِيبٌ، وَهَذَا كَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ، أَحَدِ فُقَهَاءِ الْمَدِينَةِ السَّبْعَةِ، وَكَانَ يُقَالُ لَهُ: " رَاهِبُ قُرَيْشٍ " اسْمُهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَكَذَلِكَ أَبُو بَكْرِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيُّ، يُقَالُ إِنَّ اسْمَهُ أَبُو بَكْرٍ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو مُحَمَّدٍ.

وَلَا نَظِيرَ لِهَذَيْنِ فِي ذَلِكَ، قَالَهُ الْخَطِيبُ، وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ لَا كُنْيَةَ لِابْنِ حَزْمٍ غَيْرُ الْكُنْيَةِ الَّتِي هِيَ اسْمُهُ.

الثَّانِي مِنْ هَؤُلَاءِ: مَنْ لَا كُنْيَةَ لَهُ غَيْرُ الْكُنْيَةِ الَّتِي هِيَ اسْمُهُ، مِثَالُهُ: أَبُو بِلَالٍ الْأَشْعَرِيُّ، الرَّاوِي عَنْ شَرِيكٍ وَغَيْرِهِ، رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015