وَبَلَغَنَا عَنِ التَّارِيخِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ قَالَ: ... حَدَّثَنِي أَبُو قِلَابَةَ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: قُلْتُ لِلْأَصْمَعِيِّ: يَا أَبَا سَعِيدٍ، مَا مَعْنَى قَوْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الْجَارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ "؟ فَقَالَ: أَنَا لَا أُفَسِّرُ حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلَكِنَّ الْعَرَبَ تَزْعُمُ أَنَّ السَّقَبَ اللَّزِيقُ ... .
ثُمَّ إِنَّ غَيْرَ وَاحِدٍ مِنَ الْعُلَمَاءِ صَنَّفُوا فِي ذَلِكَ فَأَحْسَنُوا، وَرُوِّينَا عَنِ الْحِاكِمِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ الْحَافِظِ قَالَ: " أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ الْغَرِيبَ فِي الْإِسْلَامِ النَّضْرُ بْنُ شُمَيْلٍ "، وَمِنْهُمْ مَنْ خَالَفَهُ فَقَالَ: " أَوَّلُ مَنْ صَنَّفَ فِيهِ أَبُو عُبَيْدَةَ مَعْمَرُ بْنُ الْمُثَنَّى "، وَكِتَابَاهُمَا صَغِيرَانِ.
وَصَنَّفَ بَعْدَ ذَلِكَ أَبُو عُبَيْدٍ الْقَاسِمُ بْنُ سَلَّامٍ كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ، فَجَمَعَ وَأَجَادَ وَاسْتَقْصَى، فَوَقَعَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ بِمَوْقِعٍ جَلِيلٍ، وَصَارَ قُدْوَةً فِي هَذَا الشَّأْنِ.
ثُمَّ تَتَبَّعَ الْقُتَيْبِيُّ مَا فَاتَ أَبَا عُبَيْدٍ، فَوَضَعَ فِيهِ كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ.
ثُمَّ تَتَبَّعَ أَبُو سُلَيْمَانَ الْخَطَّابِيُّ مَا فَاتَهُمَا، فَوَضَعَ فِي ذَلِكَ كِتَابَهُ الْمَشْهُورَ.
فَهَذِهِ الْكُتُبُ الثَّلَاثَةُ أُمَّهَاتُ الْكُتُبِ الْمُؤَلَّفَةِ فِي ذَلِكَ، وَوَرَاءَهَا مَجَامِعُ تَشْتَمِلُ مِنْ ذَلِكَ عَلَى زَوَائِدَ وَفَوَائِدَ كَثِيرَةٍ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُقَلَّدَ مِنْهَا إِلَّا مَا كَانَ مُصَنِّفُوهَا أَئِمَّةً جِلَّةً.