نَحْوِ مِائَتَيْ طَرِيقٍ، فَأَعْجَبَهُ ذَلِكَ، فَرَأَى يَحْيَى بْنَ مَعِينٍ فِي مَنَامِهِ، فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ: أَخْشَى أَنْ يَدْخُلَ هَذَا تَحْتَ: (أَلْهَاكُمُ التَّكَاثُرُ).
ثُمَّ لِيَحْذَرْ أَنْ يُخْرِجَ إِلَى النَّاسِ مَا يُصَنِّفُهُ إِلَّا بَعْدَ تَهْذِيبِهِ، وَتَحْرِيرِهِ، وَإِعَادَةِ النَّظَرِ فِيهِ، وَتَكْرِيرِهِ.
وَلْيَتَّقِ أَنْ يَجْمَعَ مَا لَمْ يَتَأَهَّلْ بَعْدُ لِاجْتِنَاءِ ثَمَرَتِهِ، وَاقْتِنَاصِ فَائِدَةِ جَمْعِهِ، كَيْلَا يَكُونَ حُكْمُهُ مَا رُوِّينَاهُ ... عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ، قَالَ: إِذَا رَأَيْتَ الْحَدَثَ أَوَّلَ مَا يَكْتُبُ الْحَدِيثَ، يَجْمَعُ حَدِيثَ الْغُسْلِ، وَحَدِيثَ: " مَنْ كَذَبَ " فَاكْتُبْ عَلَى قَفَاهُ " لَا يُفْلِحُ " ... .
ثُمَّ إِنَّ هَذَا الْكِتَابَ مَدْخَلٌ إِلَى هَذَا الشَّأْنِ، مُفْصِحٌ عَنْ أُصُولِهِ وَفُرُوعِهِ، شَارِحٌ لِمُصْطَلَحَاتِ أَهْلِهِ وَمَقَاصِدِهِمْ وَمُهِمَّاتِهِمُ الَّتِي يَنْقُصُ الْمُحَدِّثُ بِالْجَهْلِ بِهَا نَقْصًا فَاحِشًا، فَهُوَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ جَدِيرٌ بِأَنْ تُقَدَّمَ الْعِنَايَةُ بِهِ، وَنَسْأَلُ اللَّهَ سُبْحَانَهُ فَضْلَهُ الْعَظِيمَ، وَهُوَ أَعْلَمُ.
النَّوْعُ التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ
مَعْرِفَةُ الْإِسْنَادِ الْعَالِي وَالنَّازِلِ
أَصْلُ الْإِسْنَادِ أَوَّلًا: خَصِيصَةٌ فَاضِلَةٌ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ، وَسُنَّةٌ بَالِغَةٌ مِنَ السُّنَنِ الْمُؤَكَّدَةِ.
رُوِّينَا مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ... عَنْ