صَحِيحٌ عِنْدَ غَيْرِهِمَا، وَلَيْسَ عَلَى شَرْطِ وَاحِدٍ مِنْهُمَا.
هَذِهِ أُمَّهَاتُ أَقْسَامِهِ، وَأَعْلَاهَا الْأَوَّلُ، وَهُوَ الَّذِي يَقُولُ فِيهِ أَهْلُ الْحَدِيثِ كَثِيرًا: " صَحِيحٌ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ". يُطْلِقُونَ ذَلِكَ وَيَعْنُونَ بِهِ اتِّفَاقَ الْبُخَارِيِّ وَمُسْلِمٍ، لَا اتِّفَاقَ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ. لَكِنَّ اتِّفَاقَ الْأُمَّةِ عَلَيْهِ لَازِمٌ مِنْ ذَلِكَ وَحَاصِلٌ مَعَهُ، لِاتِّفَاقِ الْأُمَّةِ عَلَى تَلَقِّي مَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ بِالْقَبُولِ.
وَهَذَا الْقِسْمُ جَمِيعُهُ مَقْطُوعٌ بِصِحَّتِهِ وَالْعِلْمُ الْيَقِينِيُّ النَّظَرِيُّ وَاقِعٌ بِهِ. خِلَافًا لِقَوْلِ مَنْ نَفَى ذَلِكَ، مُحْتَجًّا بِأَنَّهُ لَا يُفِيدُ فِي أَصْلِهِ إِلَّا الظَّنُّ، وَإِنَّمَا تَلَقَّتْهُ الْأُمَّةُ بِالْقَبُولِ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ عَلَيْهِمُ الْعَمَلُ بِالظَّنِّ، وَالظَّنُّ قَدْ يُخْطِئُ.
وَقَدْ كُنْتُ أَمِيلُ إِلَى هَذَا وَأَحْسَبُهُ قَوِيًّا، ثُمَّ بَانَ لِي أَنَّ الْمَذْهَبَ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ أَوَّلًا هُوَ الصَّحِيحُ، لِأَنَّ ظَنَّ مَنْ هُوَ مَعْصُومٌ مِنَ الْخَطَأِ لَا يُخْطِئُ. وَالْأُمَّةُ فِي إِجْمَاعِهَا مَعْصُومَةٌ مِنَ الْخَطَأِ، وَلِهَذَا كَانَ الْإِجْمَاعُ الْمُنْبَنِي عَلَى الِاجْتِهَادِ حُجَّةً مَقْطُوعًا بِهَا، وَأَكْثَرُ إِجْمَاعَاتِ الْعُلَمَاءِ كَذَلِكَ.