ثُمَّ إِنَّ مَا يَتَقَاعَدُ مِنْ ذَلِكَ عَنْ شَرْطِ الصَّحِيحِ قَلِيلٌ، يُوجَدُ فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ تَرَاجِمِ الْأَبْوَابِ دُونَ مَقَاصِدِ الْكِتَابِ وَمَوْضُوعِهِ الَّذِي يُشْعِرُ بِهِ اسْمُهُ الَّذِي سَمَّاهُ بِهِ، وَهُوَ (الْجَامِعُ الْمُسْنَدُ الصَّحِيحُ الْمُخْتَصَرُ مِنْ أُمُورِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَسُنَنِهِ وَأَيَّامِهِ).
وَإِلَى الْخُصُوصِ الَّذِي بَيَّنَّاهُ يَرْجِعُ مُطْلَقُ قَوْلِهِ: " مَا أَدْخَلْتُ فِي كِتَابِ الْجَامِعِ إِلَّا مَا صَحَّ ".
وَكَذَلِكَ مُطْلَقُ قَوْلِ الْحَافِظِ أَبِي نَصْرٍ الْوَايْلِيِّ السِّجْزِيِّ: " أَجْمَعَ أَهْلُ الْعِلْمِ - الْفُقَهَاءُ وَغَيْرُهُمْ -[عَلَى] أَنَّ رَجُلًا لَوْ حَلَفَ بِالطَّلَاقِ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي كِتَابِ الْبُخَارِيِّ مِمَّا رُوِيَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَدْ صَحَّ عَنْهُ، وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَهُ لَا شَكَّ فِيهِ، أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ وَالْمَرْأَةُ بِحَالِهَا فِي حِبَالَتِهِ ".
وَكَذَلِكَ مَا ذَكَرَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْحُمَيْدِيُّ فِي كِتَابِهِ " الْجَمْعِ بَيْنَ الصَّحِيحَيْنِ " مِنْ قَوْلِهِ: " لَمْ نَجِدْ مِنَ الْأَئِمَّةِ الْمَاضِينَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - أَجْمَعِينَ مَنْ أَفْصَحَ لَنَا فِي جَمِيعِ مَا جَمَعَهُ بِالصِّحَّةِ إِلَّا هَذَيْنِ الْإِمَامَيْنِ ".
فَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِكُلِّ ذَلِكَ: مَقَاصِدُ الْكِتَابِ وَمَوْضُوعُهُ، وَمُتُونُ الْأَبْوَابِ دُونَ التَّرَاجِمِ وَنَحْوِهَا؛ لِأَنَّ فِي بَعْضِهَا مَا لَيْسَ مِنْ ذَلِكَ قَطْعًا.
مِثْلَ قَوْلِ الْبُخَارِيِّ: " بَابُ مَا يُذْكَرُ فِي الْفَخِذِ، وَيُرْوَى عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ