السَّادِسَ عَشَرَ: ذَكَرَ الْخَطِيبُ الْحَافِظُ أَنَّهُ يَنْبَغِي لِلطَّالِبِ أَنْ يَكْتُبَ بَعْدَ الْبَسْمَلَةِ اسْمَ الشَّيْخِ الَّذِي سَمِعَ الْكِتَابَ مِنْهُ، وَكُنْيَتَهُ وَنَسَبَهُ، ثُمَّ يَسُوقُ مَا سَمِعَهُ مِنْهُ عَلَى لَفْظِهِ، قَالَ: وَإِذَا كَتَبَ الْكِتَابَ الْمَسْمُوعَ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكْتُبَ فَوْقَ سَطْرِ التَّسْمِيَةِ أَسْمَاءَ مَنْ سَمِعَ مَعَهُ، وَتَارِيخَ وَقْتِ السَّمَاعِ، وَإِنْ أَحَبَّ كَتَبَ ذَلِكَ فِي حَاشِيَةِ أَوَّلِ وَرَقَةٍ مِنَ الْكِتَابِ، فَكُلًّا قَدْ فَعَلَهُ شُيُوخُنَا.
قُلْتُ: كِتْبَةُ التَّسْمِيعِ حَيْثُ ذَكَرَهُ أَحْوَطُ لَهُ، وَأَحْرَى بِأَنْ لَا يَخْفَى عَلَى مَنْ يَحْتَاجُ إِلَيْهِ، وَلَا بَأْسَ بِكِتْبَتِهِ آخِرَ الْكِتَابِ، وَفِي ظَهْرِهِ، وَحَيْثُ لَا يَخْفَى مَوْضِعُهُ.
وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ التَّسْمِيعُ بِخَطِّ شَخْصٍ مَوْثُوقٍ بِهِ غَيْرِ مَجْهُولِ الْخَطِّ، وَلَا ضَيْرَ حِينَئِذٍ فِي أَنْ لَا يَكْتُبَ الشَّيْخُ الْمُسْمِعُ خَطَّهُ بِالتَّصْحِيحِ، وَهَكَذَا لَا بَأْسَ عَلَى صَاحِبِ الْكِتَابِ إِذَا كَانَ مَوْثُوقًا بِهِ أَنْ يَقْتَصِرَ عَلَى إِثْبَاتِ سَمَاعِهِ بِخَطِّ نَفْسِهِ، فَطَالَمَا فَعَلَ الثِّقَاتُ ذَلِكَ.
وَقَدْ حَدَّثَنِي بِمَرْوَ الشَّيْخُ أَبُو الْمُظَفَّرِ بْنُ الْحَافِظِ أَبِي سَعْدٍ الْمَرْوَزِيُّ، عَنْ أَبِيهِ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ مِنَ الْأَصْبَهَانِيَّةِ أَنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَنْدَهْ، قَرَأَ بِبَغْدَادَ جُزْءًا عَلَى أَبِي أَحْمَدَ الْفَرَضِيِّ، وَسَأَلَهُ خَطَّهُ لِيَكُونَ حُجَّةً لَهُ. فَقَالَ لَهُ أَبُو أَحْمَدَ: " يَا بُنَيَّ، عَلَيْكَ بِالصِّدْقِ، فَإِنَّكَ إِذَا عُرِفْتَ بِهِ لَا يُكَذِّبُكَ أَحَدٌ، وَتُصَدَّقُ فِيمَا تَقُولُ، وَتَنْقُلُ، وَإِذَا كَانَ غَيْرُ