الثَّالِثُ: يُكْرَهُ الْخَطُّ الدَّقِيقُ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ يَقْتَضِيهِ.
رُوِّينَا ... عَنْ حَنْبَلِ بْنِ إِسْحَاقَ قَالَ: رَآنِي أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، وَأَنَا أَكْتُبُ خَطًّا دَقِيقًا، فَقَالَ: " لَا تَفْعَلْ، أَحْوَجُ مَا تَكُونُ إِلَيْهِ يَخُونُكَ " ... . وَبَلَغَنَا عَنْ بَعْضِ الْمَشَايِخِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا رَأَى خَطًّا دَقِيقًا قَالَ: " هَذَا خَطُّ مَنْ لَا يُوقِنُ بِالْخُلْفِ مِنَ اللَّه ِ ".
وَالْعُذْرُ فِي ذَلِكَ هُوَ مِثْلُ أَنْ لَا يَجِدَ فِي الْوَرَقِ سَعَةً، أَوْ يَكُونَ رَحَّالًا يَحْتَاجُ إِلَى تَدْقِيقِ الْخَطِّ، لِيَخِفَّ عَلَيْهِ مَحْمَلُ كِتَابِهِ، وَنَحْوُ هَذَا،
[وَاللَّهُ أَعْلَمُ].
الرَّابِعُ: يَخْتَارُ لَهُ فِي خَطِّهِ التَّحْقِيقَ، دُونَ الْمَشْقِ وَالتَّعْلِيقِ.
بَلَغَنَا عَنِ ابْنِ قُتَيْبَةَ قَالَ: ... قَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: " شَرُّ الْكِتَابَةِ الْمَشْقُ، وَشَرُّ الْقِرَاءَةِ الْهَذْرَمَةُ، وَأَجْوَدُ الْخَطِّ أَبْيَنُهُ " ... ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
الْخَامِسُ: كَمَا تُضْبَطُ الْحُرُوفُ الْمُعْجَمَةُ بِالنُّقَطِ كَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ تُضْبَطَ الْمُهْمَلَاتُ غَيْرُ الْمُعْجَمَةِ بِعَلَامَةِ الْإِهْمَالِ، لِتَدُلَّ عَلَى عَدَمِ إِعْجَامِهَا.
وَسَبِيلُ النَّاسِ فِي ضَبْطِهَا مُخْتَلِفٌ: فَمِنْهُمْ مَنْ يَقْلِبُ النَّقْطَ، فَيَجْعَلُ النَّقْطَ الَّذِي فَوْقَ الْمُعْجَمَاتِ تَحْتَ مَا يُشَاكِلُهَا مِنَ الْمُهْمَلَاتِ، فَيَنْقُطُ تَحْتَ الرَّاءِ، وَالصَّادِ، وَالطَّاءِ، وَالْعَيْنِ، وَنَحْوِهَا مِنَ