الْقِسْمُ السَّادِسُ
مِنْ أَقْسَامِ الْأَخْذِ وَوُجُوهِ النَّقْلِ: إِعْلَامُ الرَّاوِي لِلطَّالِبِ بِأَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ، أَوْ هَذَا الْكِتَابَ سَمَاعُهُ مِنْ فُلَانٍ، أَوْ رِوَايَتُهُ، مُقْتَصِرًا عَلَى ذَلِكَ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ: (ارْوِهِ عَنِّي، أَوْ أَذِنْتُ لَكَ فِي رِوَايَتِهِ) وَنَحْوَ ذَلِكَ.
فَهَذَا عِنْدَ كَثِيرِينَ طَرِيقٌ مُجَوِّزٌ لِرِوَايَةِ ذَلِكَ عَنْهُ وَنَقْلِهِ. حُكِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، وَطَوَائِفَ مِنَ الْمُحَدِّثِينَ، وَالْفُقَهَاءِ، وَالْأَصْلِيِّينَ وَالظَّاهِرِيِّينَ، وَبِهِ قَطَعَ أَبُو نَصْرِ بْنُ الصَّبَّاغِ مِنَ الشَّافِعِيِّينَ، وَاخْتَارَهُ وَنَصَرَهُ أَبُو الْعَبَّاسِ الْوَلِيدُ بْنُ بَكْرٍ الْغَمْرِيُّ الْمَالِكِيُّ فِي كِتَابِ (الْوَجَازَةُ فِي تَجْوِيزِ الْإِجَازَةِ).
وَحَكَى الْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ خَلَّادٍ الرَّامَهُرْمُزِيُّ صَاحِبُ كِتَابِ (الْفَاصِلُ بَيْنَ الرَّاوِي وَالْوَاعِي) عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى ذَلِكَ، وَاحْتَجَّ لَهُ، وَزَادَ فَقَالَ: " لَوْ قَالَ لَهُ: هَذِهِ رِوَايَتِي، لَكِنْ لَا تَرْوِهَا عَنِّي، كَانَ لَهُ أَنْ يَرْوِيَهَا عَنْهُ، كَمَا لَوْ سَمِعَ مِنْهُ حَدِيثًا، ثُمَّ قَالَ لَهُ: لَا تَرْوِهِ عَنِّي، وَلَا أُجِيزُهُ لَكَ، لَمْ يَضُرُّهُ ذَلِكَ ".
وَوَجْهُ مَذْهَبِ هَؤُلَاءِ اعْتِبَارُ ذَلِكَ بِالْقِرَاءَةِ عَلَى الشَّيْخِ، فَإِنَّهُ إِذَا قَرَأَ عَلَيْهِ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ، وَأَقَرَّ بِأَنَّهُ رِوَايَتُهُ عَنْ فُلَانِ بْنِ فُلَانٍ، جَازَ