المطلب الثاني: استعمال العلماء لمصطلح المقالة:

لاشك أن استعمال هذا المصطلح أعني "المقالات" أمر شائع وكثير في كتب المتقدمين، فكتب العلماء الأوائل ورد فيها استعمال هذا المصطلح بشكل كبير، حتى إنه من الصعب والمتعذر حصر تلك المواطن وجمعها، ولذلك فلا عبرة بما نحن عليه اليوم من ندرة استعمال هذا المصطلح وقلة استخدامه، ووجود الوحشة في أذهان بعض الدارسين عند سماعه، نظراً لذيوع استعمال مصطلح "الفرق" مكانه.

وسأورد بعض النماذج لاستعمال هذا المصطلح في كلام أهل العلم للتأكيد على صحة ما أقول.

1 - قيل لأبي حنيفة (150 هـ) : "ما تقول فيما أحدث الناس من الكلام في الأعراض والأجسام؟ قال: مقالات الفلاسفة، عليك بالأثر وطريقة السلف، وإياك وكل محدثة، فإنها بدعة"1.

2 - وقال أبو الحسن الأشعري (324هـ) : "فإنه لابد لمن أراد معرفة الديانات والتمييز بينها، من معرفة المذاهب والمقالات، ورأيت الناس في حكاية ما يحكون من ذكر المقالات، ويصنفون في النحل والديانات ... فحداني ما رأيت من ذلك على شرح ما التمست شرحه من المقالات واختصار ذلك وترك الإطالة والإكثار"2.

ثم سرد مقالات مختلف الفرق مفتتحا الكلام على كل فرقة كبيرة بقوله مثلا: "مقالات الخوارج"3، "مقالات المرجئة"4، "مقالات

طور بواسطة نورين ميديا © 2015