«أبو عمرو أعلم الناس بالقراءات والعربية وأيام العرب والشعر» (?).
وكان يونس بن حبيب يقول: «لو كان أحد ينبغي أن يؤخذ بقوله في كل شيء، كان ينبغي أن يؤخذ بقول أبي عمرو بن العلاء» (?).
وقال الأصمعي: «لم أر بعد أبي عمرو أعلم منه» (?).
وكان أبو عمرو يعرف نفسه جيدا ويعرف موضعه من العلم والمعرفة، وفي هذا يقول:
«ما رأيت أحدا قبلي أعلم مني» وقال للأصمعي: «لو تهيأ لي أن أفرغ ما في صدري في صدرك لفعلت، لقد حفظت في علم القرآن أشياء لو كتبت ما قدر الأعمش على حملها، ولولا أن ليس لي أن أقرأ إلا بما قرئ لقرأت كذا وكذا وذكر حروفا» (?).
وهذا القول يدل على حرص أبي عمرو على تعليم العلم وتبليغه للناس، كما يدل على حرصه وتثبته في الرواية فهو لا يقرأ إلا بما قرئ، لأن القراءة سنة متبعة، ولا تجوز القراءة بما صح لغة إذا لم يصح سنده ويثبت نقله.
وكان أبو عمرو عاملا بعلمه، صاحب زهد وتقوى يراقب الله ويخشاه، فقد استمر مدة طويلة «يختم القرآن في كل ثلاث ليال» (?) وهذا أمر لا يطيقه إلا عظماء الرجال وأصحاب الهمم العالية.
وكان قد نقش على فصّ خاتمه هذا البيت:
وإن امرأ دنياه أكبر همّه ... لمستمسك منها بحبل غرور (?)
وهو بيت مشتمل على معان عظيمة في الزهد والتقلل من الدنيا وعدم الانشغال بها لأنها دار الغرور والفتنة.