ولذلك فإنه يمكن وضع القاعدة التالية: «كل قراءة صحيحة متواترة هي من الأحرف السبعة، وليس كل شيء من الأحرف السبعة متواترا؛ لكونه قد نسخ شيء منها في العرضة الأخيرة».
قال ابن الجزري: «إن المصاحف العثمانية لم تكن محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أبيحت بها قراءة القرآن كما قال جماعة من أهل الكلام وغيرهم، بناء منهم على أنه لا يجوز على الأمة أن تهمل نقل شيء من الأحرف السبعة».
وقال: «لأننا إذا قلنا إن المصاحف العثمانية محتوية على جميع الأحرف السبعة التي أنزلها الله تعالى كان ما خالف الرسم يقطع بأنه ليس من الأحرف السبعة وهذا قول محظور لأن كثيرا مما خالف الرسم قد صح عن الصحابة رضي الله عنهم، وعن النبي صلّى الله عليه وسلم» (?).
ثم علق الدكتور القارئ على قول ابن الجزري المتقدم بقوله: «هذا مقتضى التحقيق لأن بعض أفراد الأحرف السبعة نسخت تلاوته في العرضة الأخيرة، فلم يقرئ به رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعدها فلا يعتبر بعد ذلك قرآنا ولذا لم يكتب في المصاحف العثمانية لأن عثمان رضي الله عنه، ورهطه رضوان الله عليهم كانوا يتحرون كتابة ما ثبت في العرضة الأخيرة ... والحق الذي يعرفه كل محقق، أن ما أثبت في هذه العرضة من أحرف القرآن، والذي يمثل الصيغة الكاملة الأخيرة للقرآن قد كتب كله في المصاحف العثمانية، ولم يترك منه شيء، وقد اتفق المحققون على أن ما رواه الأئمة العشرة قد استوعب كل هذه الأحرف، واتفقوا على أن ما رواه غيرهم زائدا على ما رووه بجملتهم إما شاذ أو منكر أو ضعيف أو موضوع» (?).
وقال ابن الجزري: «الباب السادس: في أن العشرة بعض الأحرف السبعة، وأنها متواترة أصولا وفرشا ... (?). وقال: «وقول من قال: إن القراءات المتواترة لا حد لها، إن أراد في زماننا فغير صحيح، لأنه لا يوجد اليوم قراءة متواترة وراء العشر، وإن أراد في الصدر الأول، فيحتمل إن شاء الله» (?).