إذاً: فيوم الجمعة له آداب: أولاً: الاغتسال.
ثانياً: التبكير له، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (من راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة)، والمراد بالساعة الأولى: وقت الضحى، أي: الساعة السابعة؛ لأن الساعة الأولى تبدأ من بعد أن تنشر الشمس أشعتها، وهذا الأول كأنما قدم بدنة، أي: كأنما ضحى في سبيل الله بناقة كبيرة، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ومن راح في الساعة الثانية) إلى أن بلغ الساعة الأخيرة، وهي التي قبل صعود الإمام بنصف ساعة، أو بساعة، وهذه الساعة ما تجد أحداً فيها في المسجد، بل هناك من يقول: الإمام ينزل من على المنبر الساعة الثانية عشرة فنحن نحضر الساعة الثانية عشرة ونصف إلا ثلاث دقائق، يعني: من أجل أن يضبط مجيئه على الصلاة، مع أنه لا جمعة له؛ لأن خطبة الجمعة تعدل ركعتين، ومن جاء في الساعة الأخيرة فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: (فكأنما قدم بيضة).
وأول ما يقول الإمام: السلام عليكم تغلق الملائكة الصحف، ولا تكتب أحداً ممن دخل بعد، فإن جاء يوم القيامة وقال: أنا كنت أحضر الجمعة، فيقال له: أنت كنت تأتي بعد أن يرتقي الإمام المنبر.
إذاً: فالمسلم يبكر ليوم الجمعة، يلبس أفضل الثياب، وإن رزقه ربنا طيباً يتطيب به، والمساجد يجوز أن تبخر يوم الجمعة، حتى تكون رائحتها طيبة، ولا ينبغي أن تبقى لابساً للشراب من ثلاثة أيام ثم تأتي يوم الجمعة، فالرسول صلى الله عليه وسلم قد قال: (من أكل ثوماً أو بصلاً فليعتزلنا)، وهل البصل حرام؟ لا، ليس حراماً، ولكن من أجل الريحة المنبعثة من آكله، ولو أكل بصلاً فينبغي له أن يصلي خارج المسجد، أو في آخر صف، أو لا يدخل الجامع أصلاً؛ لئلا يؤذي الناس.
ولذلك يقول الفقهاء: من كان عنده انفلونزا فلا يصلي صلاة الجماعة في المسجد؛ حتى لا يعدي أحداً، فقد وضعت عنه صلاة الجماعة، فيقعد في البيت؛ من أجل ألا يعدي غيره، إذاً: فالمسلم ينبغي عليه أن يراعي هذه المسائل.
وإذا تأخر أحد عن الجمعة فلا يؤذي إخوانه بمزاحمتهم؛ ليفسحوا له، فيتخطى رقابهم ويؤذيهم، واحد من الصحابة جاء متأخراً والرسول على المنبر يخطب، وعلاوة على هذا يريد الصف الأول، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: (اجلس فقد آنيت وآذيت)، أي: جئت متأخراً وتؤذي الناس.
وفي الحديث: (من فرق بين مسلمين يوم الجمعة فرق الله شمله يوم القيامة، ومن تخطى الرقاب يوم الجمعة تخطى الله به جسراً إلى جهنم)، (من سد فرجة في الصف سد الله عنه باباً من أبواب جهنم) فهذه بعض آداب الجمعة.
كثير من المسلمين للأسف يبقى في يده سبحة وأنا ما أدري من أول من اخترع السبحة، والسبحة ليست من الإسلام في شيء، وأنت عندما تسبح بيدك فالجوارح كلها تشهد لك يوم القيامة، أما السبحة فلن تشهد، والرسول صلى الله عليه وسلم سبح بيديه، والصحابة سبحوا بأيديهم ونحن لم نطلب منك أكثر من ثلاثة وثلاثين، وليس حسابها صعباً؟ لكن عندما تحسب مائة ألف جنيه تحسبها بدقة وسرعة فائقة، وكذا عندما تحسب ميراث أبيك، فتقول: لي ثلاثة فدانات وأربعة عشر قيراطاً وستة أسهم، والسهم كذا متراً، والقيراط مائة وخمسة وسبعون متراً، والمتر، وهكذا يحسبها بالدقة، لكن في التسبيح يصير الأمر صعباً، فسبح بيديك.