فحنان الرسول كان يجذب إلى الإسلام بما لا يجذبه عنف الكثيرين، فهناك أناس في هذه الأيام لا يخيرون بين أمرين إلا اختاروا أشدهما، فقد جلست مرة في مجلس أحد العلماء -غفر الله لنا وله- كان يعرف قليلاً في الفقه المقارن، فكان كلما استفتي يبحث عن أصعب شيء في كل مذهب ويفتي، وأنا أعرف أنه يتبع مذهب الإمام أحمد.
فكيف بهذا من فعل سيدنا الحبيب صلى الله عليه وسلم حين ذكر إسبال الثياب، فقالت أم سلمة: ما تصنع إحدانا بثوبها؟ فقال: (ترخيه شبراً) ثم رخص في إرخائه ذراعاً، وبعد ذلك سألنه عن مرورهن بالثياب المرخاة على النجاسة وهن ذاهبات إلى الصلاة، فقال: (ألا تمشين على أرض جافة؟ فقلن: نعم، فقال: هذا يطهر هذا).
وفي ذات مرة كان يمشي مع سيدنا عمر والصحابة، فحضرت صلاة العصر، فوجدوا رجلاً عنده بئر وعنده مجموعة من الغنم، فتقدم عمر وكان مقداماً رضي الله عنه، فقال: يا صاحب البئر! أترد السباع عليه؟ أي: هل السباع تشرب من هذا البئر؟ فقال صلى الله عليه وسلم: (يا صاحب البئر! لا تخبرنا، إنا نرد على السباع وترد علينا).