الاغترار بصحبة الصالحين

السبب الثاني: الاغترار بصحبة الصالحين وعدم الاقتداء بهم.

فيقول المرء: كنا أمس مع العالم الفلاني فأحضر لنا كذا وكذا، ويفتخر، فماذا عملت بالذي سمعته منه؟! إن لنا سنوات طويلة نسمع فيها من العلماء، فماذا صنعنا؟! فحالنا هو الاغترار بصحبة الصالحين وعدم الاقتداء بهم.

وذلك لا ينفع، فـ عبد الله بن أبي ابن سلول صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يصلي وراءه، فماذا فعلت صلاته خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! ولذلك المسلم لا يظن أنه مادام يمشي مع الرجل الصالح الذي يحسبه صالحاً فقد أخذ براءة، فمن اعتقد هذا كان كحال أهل صكوك الغفران، وهي صكوك عند النصارى كانوا يوزرعونها في الكنيسة، وعندهم اليوم شيء اسمه كرسي الاعتراف، وفي الإسلام ليس هناك كرسي اعتراف، فالذي أذنب يذهب ويتوضأ ويصلي ركعتين لله بنية التوبة، فيقول الله: قبلت يا عبدي، ولا توجد واسطة بينك وبين الله، ولا أي أحد، ولا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وهناك يذهب المرء إلى الكنيسة، فيقول له صاحب الكنيسة: بكم ستتبرع؟ فيقول: سأتبرع للكنيسة -مثلاً- بعشرين هكتاراً أو خمسين هكتاراً أو مائة هكتار، فيقول له: خذ هذا الصك، وفيه أن الرب يسوع غفر لفلان ومسح ذنوبه ولن يدخل النار.

فهذا الحاصل عندهم، وقد ذكر أن شخصاً كان ذكياً ناصحاً، فذهب إلى البابا وقال له: ماذا يشتري من عندك الناس؟ قال: يشترون قطعة في الجنة، فقال: أنا أريد أن أشتري جهنم! فقال: وهل أحد يريد أن يشتري جهنم؟! قال له: أنا حر بمالي أعمل ما بدا لي، فهل تبيع لي جهنم؟ فقال له: أبيعها بخمسين هكتاراً، فقال له: هذه خمسون هكتاراً، وأخذ صكاً فيه أن فلاناً الفلاني اشترى من البابا النار، ثم ذهب فجلس على الباب، فكان يلقى الشخص آتياً، فيقول له: إلى أين؟ فيقول: أذنبت كثيراً وأريد أن أجلس على كرسي الاعتراف من أجل أن أشتري قطعة من الجنة، فيقول له: من أي شيء تخاف؟ فيقول: أخاف من النار، فيقول: إنني قد اشتريتها! وهذه قصة وقعت؛ لأنه إذا غاب العقل فظن شراً ولا تسأل عن الخبر.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015