ترك الكلام وعدم الدخول بما فيه ذكر الله

ومن آداب دخول الكنيف ألا تتكلم إلا لضرورة، وألا تدخل بما فيه ذكر الله، وبعض الناس قد يدخل بالجريدة ويقول لك: أنا رجل أعمال ليس عندي وقت، وفيها آيات أو أسماء لله، فلا ينبغي أن تدخل بالجريدة أو الصحيفة إلى دورات المياه.

وكذلك لو كان لك سلسلة فيها آية الكرسي أو مكتوب عليها (ما شاء الله) أو (الله أكبر) أو (لا إله إلا الله) أو أي ذكر من هذه الأذكار، فلا تدخل بها، إلا إذا كنت في منطقة وتخاف فيها إذا تركتها أن تضيع، ولا يجوز لك أن تدخل بخاتم مكتوب عليه (الله) أو (لا إله إلا الله) إلى دورة المياه، فهناك ناس يلبسون الدبلة المكتوب عليها -مثلاً- (عبد الله) ويدخلون بها دورات المياه؛ والواجب هو نزعها.

وهذه العادة مستحدثة من جملة أمور ما أنزل الله بها من سلطان، فإنك تجد بعض المساجد بعدما يُنتهى من الأذان يقول فيها الناس اللهم صل وسلم عليك يا أسود الشعر، يا كحيل العينين، ونحو ذلك فمن أين أتي بهذا الكلام؟! إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثلما يقول، ثم صلوا علي)، وذلك الذي يقال لم يثبت عن الصحابة ولا عن التابعين ولا عن تابعي التابعين، ولا عن الفقهاء الأربعة، ولا عن ابن تيمية، ولا عن ابن القيم، ولا عن العز بن عبد السلام، لم يثبت هذا إلا في عصور الانحلال بعد عهد الفاطميين.

بل قد أفتى ابن القيم بأن الذي يأتي بالذكر قبل الفجر بساعة مبتدع، وقال: من جاء في ديننا هذا بشيء من عنده فهو عليه رد، لحديث رسول الله، فيكون عمله بدعة من البدع يرد عليه يوم القيامة، وهل أنت أعلم من الرسول أو من بلال، أو من أبي بكر أو عمر؟! وإنك لتجد مساجدنا كبيرة وفيها هذا الكلام مع الأسف.

وقد ألف أحد العلماء العظماء رسالة في أن المساجد التي فيها بدع لا يصلى فيها، وأنا لا أريد أن أحرض، بل أنقل لك ما أعلمه من الكتاب والسنة وأقوال العلماء الخلص، وما جاء به الحبيب أسمعه، وما جاء به الناس لا أعرفه.

ولا يقل قائل: هناك بدعة حسنة، ودليلها أن عمر بن الخطاب عمل بدعة حسنة، وهي صلاة التراويح، فلم يعملها عمر؛ لأن الرسول في يوم من الأيام في رمضان قام ليصلي، فصلى بالناس ثمان ركعات، فأصبح من شهد ذلك يقول: إننا صلينا وراء الرسول ثمان ركعات البارحة، ثم صلى بهم في اليوم الثاني ثمان ركعات، فزاد العدد وفي اليوم الثالث امتلأ المسجد، وفي اليوم الرابع صلى العشاء ودخل ولم يخرج، فقالوا: يا رسول الله! كنا ننتظرك؟ فقال: (خشيت أن تفرض عليكم).

ثم جاء زمن عمر فنظر إلى الصحابة فرأى كل واحد بعد العشاء يصلي بمفرده، فقال: لو اجتمعوا على إمام واحد.

إذاً: عمر أحيا سنة للحبيب، فالبدعة بدعة، ولا يوجد هناك بدعة حسنة وبدعة سيئة، فكل شيء في الكتاب والسنة يقال فيه: سمعاً وطاعة، وأما غير الكتاب والسنة فلا سمع له ولا طاعة.

ولذلك يروى أن عمر بن عبد العزيز دخلت عليه امرأة فقالت: أين عطائي الذي كان يعطيني أعمامك من بني أمية؟! فقال لها: ليس لك عندنا شيء.

فقالت: أأجيئك بصك الوليد؟ تعني الوليد بن عبد الملك، أي: أأحضر لك الورقة الممضاة بخط أمير المؤمنين قبل أن يموت؟ فتبسم عمر بن عبد العزيز وقال: أبالمصحف ستأتين؟! يعني: ما هي هذه الورقة التي كتبها أمير المؤمنين؟! فهل ستأتين بورقة من المصحف، فما دام أنها ليست من المصحف فلا عبرة بها.

إذاً: لا تتكلم في دورة المياه إلا لضرورة، ولا تستقبل القبلة ولا تستدبرها، لا تدخل ومعك صحيفة أو ورقة مكتوب فيها اسم الله عز وجل.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015